للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله إنه تأثر بالخط الفاسي الموروث عن الأندلس. وقد ورث جودة الخط عن أبيه حتى قال إن من يعرف سر الخطوط لا يكاد يميز بين خطه وخط والده، وقد برع الزواوي في الخط منذ أولياته، وقال إنه وجد أهل زواوة قد ابتعدوا عن الخط الجميل شأنهم شأن أهل المغرب العربي الآخرين، ولذلك مال هو إلى الخط الفاسي (المغربي) قائلا: (إذ قد ملت كثيرا إلى الفاسي المنتقل من الأندلسي). ونال وهو (في أولياته أيضا الجائزة الأولى في الخط بمدرسة قسنطينة، فقال إنه أثناء إجراء امتحان القضاء في قصر العدالة بالمدينة المذكورة (الرسمية - الكتانية عندئذ) (وهو من المستشرقين الكبراء، فقال ما حاصله: ما ظننت أن يوجد خطاط متل هذا وهو قادم من البادية. وعير طلبة المدرسة ...).

ونلاحظ هنا عدة ملاحظات على رسالة الزواوي. فهي تتحدث عن كون (الخط من الفنون الجميلة)، وعن كونه هو وغيره من العارفين، أصبحوا يتعجبون (أن قد صار طلبة الخط لا يكادون يفرقون بين الخطوط الجميلة). وأشار إلى رأي ابن خلدون في مقدمته من كون الخط صناعة، وأن خطوط أهل افريقية صارت رديئة صعبة القراءة بينما كان الخط الأندلسي قد امتاز بالجمال والذوق اللطيف. ولكن طلبة زواوة، كما قال الزواوي، قد انصرفوا جملة عن الخط الأندلسي، واهتموا بالرسم بدلا منه. ويرجع جمال وشهرة الخط الأندلسي إلى كونه قائما على الصنعة والتفنن والتنافس في الاتقان والجودة. وعاب الزواوي على خطاطي العصر بأنهم لا يتنافسون في ذلك، وإنما يسرعون في كتابة المصاحف مثالا، ويكتبونها بدون توسع ولا مراعاة للفن لأن هدفهم من ذلك هو الحصول على الأجرة.

وقد فهمنا من رسالة الزواوي أنه حصل على مدح كثير على خطه. فبالإضافة إلى من ذكرنا، مدحه البشير الرابحي أحد أهل العلم والدين والأدب في هذا القرن، بقصيدة. وكذلك نوه به إمام جامع بئر خادم، وطلبة الزواوة، وطلبة العاصمة. ولكن بعضهم كان يتحداه ويقول: (نستطيع أن نكتب بخط مثل هذا). عندما اطلعوا على خط مصحفه، ولكن الزواوي

<<  <  ج: ص:  >  >>