للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما الجيل الثاني من الرسامين فهو الذي ظهر بعد الحرب العالمية الثانية، وتأثر بالحركة الاصلاحية ومختلف التيارات الفكرية والوطنية، ومنها أيضا فكرة القومية العربية، والأحلام الاشتراكية، وطموحات الشعوب إلى التحرر والاستقلال، وعبرت هذه المدرسة عن (العودة إلى الأصل) التي اتخذت منها شعارا لها، كما اهتمت بالتراث الوطني. وقد فهمنا أن من هذا الجيل: محمد راسم، وتمام، وغانم، وحميمونة. ثم تلاميذهم مثل صحراوي وعجواب وبلكحلة وكربوش. وفي عهد هؤلاء ازدهر، مع حركة الاستقلال العربية، فن التصوير الإسلامي والتجريدي، ثم ظهر فن الزخرفة العربية (الأرابسك) والتصوير العربي، وقاد هذا التيار كل من قرماز وخدة وابن عنتر. وجميع هؤلاء اهتموا بالخط العربي وحروفه. ومنهم أيضا زروقي، وزودمي، وقريشي، وشاير، وابن بلة.

وضمن دراسته لمراحل الرسم وسيرة رواده تعرض محمد خدة أيضا إلى المنمنمات فقال انها استوردت من الشرق (بلاد فارس? بيزنطة؟) ثم أصبحت من الفنون التراثية، وتطورت إلى أن أصبحت مادة في التدريس منذ سنة ١٩٣٠ في المدرسة الوطنية للفنون الجميلة بالجزائر، فكان عنوانها في أول الأمر هو الفنون الأهلية. وبعد الاستقلال أصبح عنوانها هو الفنون التقليدية. والمنمنمات تشمل السفن، والقوارب العثمانية، والنشاط البحري، والأميرات، والغزلان، والأزهار ونحوها من الموضوعات. وكان محمد راسم سيد هذا النوع من الفن (١)، كما سبقت الإشارة.

ولا ندري متى بدأ الاهتمام أيضا بالوشام البربري الذي اعتبره بعضهم ظاهرة فنية في الرسم. كما أن العناية انصرفت إلى الصناعات التقليدية المستعملة كالزرابي، والفخار، والأثاث، وأنواع الحلي، والرسومات الجدارية، والمنازل، في نطاق الفنون الشعبية البربرية في رقعة تمتد على مساحة الوطن. بل إنه في وقت لاحق أخذ الاهتمام ينصب أيضا على رموز


(١) ولد محمد راسم سنة ١٨٩٦، ومات سنة ١٩٧٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>