أما تاريخ عودة المسرح (وليس ظهوره) فقد لاحظنا أن أحد الجزائريين (محمد بن علي الجباري) كان قد قام بتمثيل مسرحية شعرية ساخرة في وهران، خلال سنة ١٨٨٠. ولا شك أن هذه التجربة لم تكن شاذة، بل إن المحاولات، سواء كانت امتدادا للأصالة أو تقليدا للمسرح الفرنسي، لم تنقطع، ولكنها كانت بأساليب تتفق مع التقاليد الشعبية، كما كان حدث في ورقلة، حسب رواية إسماعيل بوضربة والضابط فيليب. وليس بالضرورة أن يكون المسرح في هذه المرحلة مطابقا للمسرح الفرنسي المعروف، على أن غالبية الآراء ترجع البداية إلى نهاية الحرب العالمية الأولى.
لا نعتقد أن زيارة الفرقة المصرية بقيادة جورج أبيض سنة ١٩٢١ هي وحدها التي حركت في الجزائريين الاهتمام بالمسرح. فقد سبق لفرقة عربية أن زارت الجزائر قبل الحرب العالمية المذكورة، ومع ذلك لم تجعلهم يهتمون بتأليف الفرق الموسيقية والغنائية والمسرحية. فهناك ظروف جديدة تولدت عن سنة ١٩١٩ وما بعدها، ومنها تطور الأحداث السياسية وبداية الفكر الاصلاحي وظهور الصحافة ذات الاتجاهات المختلفة وشخصية الأمير خالد وشخصيات أخرى علمية عادت من الشرق مثل العقبي والإبراهيمي والزواوي. وربما كان من المتعذر على الفرقة المصرية أن تزور الجزائر وتمثل فيها ما مثلت لو جاءت قبل ١٩٢١. كما أن تطورات مصر والسعودية وسورية وغيرها بعد ١٩١٩ قد ساعدت على ميلاد الجو الجديد.
وقد ذكر البعض أن سبب فشل الفرقة المصرية يرجع إلى اللغة الفصحى التي استعملتها في التمثيل، لأن جمهور العاصمة لم (يفهمها). ويبدو لنا أن ذلك مبالغة قصد بها الفرنسيون عندئذ أن يؤكدوا مقولتهم: إن اللغة الفصحى (لغة القرآن الكريم) ليست لغة الجزائريين فهي (كلاسيكية) كاللاتينية، لا تستعمل إلا في العبادات وخطب الجمعة، وليس للمسرح والحياة العامة. ولعل بعض المثقفين الجزائريين قد انخدعوا بتلك المقولة