للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المصرية قد جاءت من تلقاء نفسها بدون إعداد وترخيص وإجراءات دقيقة، من مصلحة الشؤون الأهلية التي كانت بإدارة جان ميرانت. ثم لماذا اختيرت العاصمة التي يغلب عليها عندئذ الطابع الأوروبي، لتمثيل مسرحيات تاريخية باللغة العربية الفصحى؟.

ولنسلم الآن أن فرقة جورج أبيض قد فشلت في تمثيل مسرحيات جورج حداد، لأنها باللغة الفصحى، فهل كانت زيارة الفرقة ضرورية لإحياء روح المسرح في الجزائريين؟ وهل كان الجزائريون سيظلون بدون مسرح لو لم تزرهم وتفشل معهم الفرقة المصرية؟ لا نعتقد ذلك، لأن الجزائر قد دخلت مرحلة عبر عنها الكتاب والملاحظون بمرحلة (النهضة) في ميادين مختلفة. فالمسرح كان سيظهر لا محالة كما ظهر النادي والصحيفة والمسجد الحر والمدرسة الحرة والأحزاب والجمعيات والتأليف، وغير ذلك من مظاهر النهضة.

وهكذا مثلت بين ١٩٢١ - ١٩٢٦ عدة مسرحيات على يد الفرق الطلابية، وهي الفرق التي أعادت موضوع المسرح والتمثيل إلى روح الجمهور، كما أعاد إليه الأمير خالد روح النضال السياسي وابن باديس روح النضال الديني والقومي. والغريب أن يقول سعد الدين بن شنب الذي كان صدى لتيار فرنسي شائع في الثلاثينات (وهو ليس منه في الأساس) إن الطلبة قد أنشأوا فرقا للتمثيل (كرد فعل على فشل) فرقة جورج أبيض لأنها مثلت بالفصحى. وهذه المسرحيات الطلابية كانت من إنتاج فرقة (المهذبية)، وهي جمعية للآداب والتمثيل العربي، تأسست بتاريخ إبريل ١٩٢١. وكان رئيسها هو الطاهر علي الشريف الذي ربما كان أحد أقارب علي الشريف الذي أسره الفرنسيون صبيا سنة ١٨٤٣ وحملوه إلى باريس رهينة وعلموه الفرنسية وأدخلوه فى مجتمعهم (١). ومثلت (المهذبية) ثلاث مسرحيات كلها من


(١) عن علي الشريف وزملائه، انظر فصل الترجمة. وقد أصبح من المترجمين الاحتياطيين. ويكتبه ابن شنب علي الشريف الطاهر بتقديم اللقب على الاسم.

<<  <  ج: ص:  >  >>