الشعر ويطالع كتب التراث، ويخالط شيوخ الناحية مثل القاضي شعيب الجليلي. كما أنه مارس التدريس في سيدي بلعباس بأحد المساجد. ثم جاء به المستشرق ألفريد بيل إلى مدرسة تلمسان بالذات التي كان مديرا لها، وكان بيل من المعجبين بالغوثي، وربما كان في حاجة إليه لمساعدته في تحقيق بعض المخطوطات وتحضير كتابه عن الفرق الإسلامية (١).
ألف الغوثي الكتاب لكي يعرف بالموسيقى العربية في الجزائر في أوائل هذا القرن، وكان ذلك يستجيب للانطلاقة التي جاء بها شارل جونار سنة ١٩٠٣. ولذلك تبنت حكومته نشر هذا الكتاب وغيره من الأعمال التراثية، مثل تعريف الخلف ومؤلفات المجاوي وابن الخوجة. وبعد أن تحدث الغوثي عن قواعد النحو في العامية الجزائرية - سيما عامية تلمسان - وهي قواعد وضعها المستشرقون لكي يدرسوا بها العربية الدارجة للأوروبيين، حدث عن آراء علماء المسلمين في الموسيقى، وعن الشعر والأوزان في الجاهلية وبعدها. كما تحدث عن أنواع الشعر قديما وحديثا. والبحور الشعرية المعروفة والجديدة، مثل المواليا والقوما والدوبيت والكان وكان، والسلسلات والعروبي. وأورد فصلا مطولا عن الموشحات، وجاء بموشح إبراهيم بن سهل الإشبيلي الشهير. وفي حديثه عن الزجل أورد نص قصيدة (العقيقة) لأبي سعيد عثمان المنداسي التلمساني، وذكر أشعار شعراء تلمسان الملحونة، أمثال ابن مسايب وأحمد بن التريكي وأبي مدين بن سعيد، وأبي فارس عبد العزيز المغراوي، وهم من أهل القرنين الحادي عشر والثاني عشر (١٧ - ١٨ م).
وابتداء من صفحة ٩٣ أخذ الغوثي يدخل في الموضوع الرئيسي، وهو الموسيقى. فتحدث عن مؤهلات الفنان، والأصوات والطرب والنفخات والآلات الوترية وكذلك القيثارة والرباب والناي والمزمار والهرمونيكا، وذكر
(١) انظر فصل التعليم، فقرة تفتيش بيل على معلمي الجهة الغربية ورأيه في الغوثي عندئذ.