للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويبدو أن الباشا محمد بكداش كان من نوع يوسف باشا لو طال به العهد. ورغم حكمه بالإعدام على المفتي أحمد بن سعيد قدورة، وهي الحادثة التي أشرنا إليها، فإنه كان حسب رواية مادحيه، وخصوصا محمد بن ميمون، يتقرب من العلماء على خلاف زملائه. وهناك قصص قد نسجت حول شخصيته كما نسجت أخرى حول شخصية يوسف باشا، فقد قيل إنه نزل بعنابة قبل توليه الباشوية وأخذ البركة والطريقة من عالمها أحمد بن ساسي البوني. وقيل أيضا انه وعد بأنه إذا أخذ الولاية سيحكم بالعدل، ونحو ذلك من الأخبار التي روجها المعجبون به أو المتزلفون إليه. وعلى كل حال فقد تولى الحكم فعلا سنة ١١١٧ وقتل سنة ١١٢٢. وقد قرب بكداش، بالإضافة إلى البوني، عددا من العلماء، ومنحهم الهدايا والعطايا.

كان محمد بكداش إذن يتراسل مع أحمد البوني وكان البوني يتمتع بسمعة دينية وعلمية ليس في عنابة فقط ولكن في خارجها أيضا. فقد أخذ العلم في تونس ومصر والحرمين. ولا شك أن تقرب الباشا منه لم يكن لغرض صوفي، كما تذهب بعض الروايات، ولكن لغرض سياسي شبيه بغرض يوسف باشا من محمد ساسي. وقد قابل البوني هذا الموقف بموقف آخر أحسن منه. ذلك أنه نسب إلى بكداش (الذي لا شك أنه غير عربي وأن اسمه يذكر بصاحب الطريقة البكداشية) الشرف والنسب الهاشمي. فالبوني يقول من أرجوزة وجهها إليه (١).

يا طالبا للفضل ... والجود ثم العدل


= ١٠٥٠. وقد قمنا بدراسة لهذه الرسائل وقدمناها للنشر بنصوصها. مجلة الثقافة، ٥١، ١٩٧٩. وكذلك كتابنا (تجارب في الأدب والرحلة).
(١) حسب مخطوط رقم ١٨٤٧، المكتبة الوطنية بالجزائر، إن هذه الأرجوزة قد وجهها أحمد البوني إلى الباشا حسين خوجة الشريف (الذي حكم مباشرة قبل بكداش). ونحن نميل إلى ما ذهب إليه ابن ميمون من أن الأرجوزة موجهة إلى بكداش لأن اسم هذا الباشا يرد فيها ولأنه هو الذي كان على صلة بالبوني قبل توليه الحكم وبعده. ولعل للبوني أرجوزة أخرى في حسين خوجة الشريف غير هذه.

<<  <  ج: ص:  >  >>