وهذا هو ما يجرنا إلى الحديث عن مسألة التمثيل النيابي، بناء على قانون ١٩٤٧ أصبح للجزائر مجلس محلي (برلمان) يسمى المجلس الجزائري، صلاحياته تنتهي عند مناقشة ما يعرضه عليه الوالي من مسائل، فهو مجلس استشاري وحسب، ولكن تركيبته هي الأهم، فهو يتألف من ١٢٠ عضوا، نصفهم جزائريون ونصفهم فرنسيون (رغم فارق عدد السكان)، ومدته ست سنوات، لكن نصفه ينتخب كل ثلاث سنوات، والغريب في أمر هذا المجلس أن له هيئتين انتخابيتين وليس هيئة واحدة (مسلمون وأوروبيون) فالقسم الأوروبي (الفرنسي) يتمتع أعضاؤه بكامل حقوق المواطنة القانونية حسب القانون المدني الفرنسي، وأما القسم الثاني [الثاني ليس في الترتيب فقط ولكن في الاعتبار أيضا] فهو القسم الأهلي الذي يتكون أعضاؤه من مواطني الحالة الإسلامية.
عند اقتراب الثورة كان أغلب أعضاء القسم الأول في المجلس من الراديكاليين المستقلين (بالتعريف الفرنسي)، أما أعضاء القسم الثاني فأغلبهم (٥١ منهم) من المستقلين، وكل هيئة في المجلس يمثلها ستون عضوا، وعبارة (مستقلين)، بالنسبة للجزائريين تعني أن الإدارة هي التي أوعزت لهم بالترشح وضمنت لهم النجاح حتى تقطع الطريق أمام مرشحي الأحزاب الوطنية واليسارية، مثل حزب الشعب (حركة الانتصار) وحزب البيان، والحزب الشيوعي، أما جمعية العلماء فرغم أنها تعتبر قائدة لتيار إصلاحي قوي فإن رجالها لا يترشحون في الانتخابات لأنها جمعية دينية ثقافية وليست حزبا سياسيا (١).
(١) ماسينيون، مرجع سابق، ص ٢٣٣، والملفت للنظر أن ماسينيون ذكر (الأحزاب السياسية الإسلامية الكبيرة): حركة الانتصار وحزب الشعب، وحزب البيان، وحزب العلماء المصلحين (كذا) وأهمل ذكر الحزب الشيوعي، ربما لأن من بين أعضائه فرنسيين.