للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العهد قد أضعفت من الوسائل البشرية في ميدان التعريب، لكن الثورة قد تمكنت من تهيئة الإطارات المعربة الكافية في ميدان الدعاية حتى يكون (باستطاعتنا أن نواجه حاجتنا بعد الاستقلال من الإطارات العربية اللازمة سواء كانت صحافية أو ثقافية) (١).

ولكن الحكومة المؤقتة والمسؤولين في الاجتماعات الرسمية كانوا يتناقشون - كما سبق - باللغة الفرنسية أو كما اتفق، وكانت المحاضر تكتب باللغة الفرنسية بما في ذلك محاضر مؤتمر الصومام واجتماعات المجلس الوطني ولجنة التنسيق والتنفيذ واتفاقيات إيفيان وبرنامج طرابلس وبيان أول نوفمبر، ومعظم هذه النصوص الحيوية عرفت العربية عن طريق الترجمة فقط، كما أن اتفاقيات إيفيان لم تكتب إلا باللغة الفرنسية دون الأخذ في الاعتبار مسألة السيادة التي كان قادة الثورة يلحون عليها، وإذا كانت وثائق الثورة الأخرى (بيان أول نوفمبر والصومام وطرابلس ..) قد كتبت أصلا بالفرنسية ثم ترجمت وكانت وثائق جزائرية محض فإن إيفيان كانت عبارة عن تعاهد بين طرفين بل بين حكومتين، ومع ذلك لم تكتب نسخة منها بالعربية التي طالما تحدث قادة الثورة على أنها اللغة الوطنية المضطهدة للشعب الجزائري ولغة تراثه وثقافته الممتدة عبر العصور.

ويبدو أن المكاتب الإعلامية في البلاد العربية كانت تتعامل باللغة العربية مع سلطات البلاد التي هي فيها ولكنها تتراسل بالفرنسية مع رئاسة الوفد الخارجي قبل تأليف الحكومة ثم مع وزراء الحكومة بعد تأليفها، كما يظهر من وثائق هذه الحكومة المتوفرة الآن في الأرشيف الوطني، وأثناء البحث في الوثائق لاحظنا اختلافا حتى في اتخاذ الأختام الرسمية، فبينما كان ختم وزارتي, الثقافة والخارجية مكتوبا كله باللغة العربية كان ختم وزارة القوات المسلحة


(١) المجاهد ٤١، أول مايو ١٩٥٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>