كان فانون يعرف - حسب الجريدة - منذ أكثر من عام أن الموت يترصده. وكان يشعر أن رسالته الثورية، لن تكتمل إلا إذا توجها بعمل فكري خالد يجمع خلاصة دراساته وتجاربه في ميدان الكفاح الثوري وبناء المجتمع الجديد، فكتب كتابه (معذبو الأرض)، وعبرت الجريدة على لسان الجزائريين إنهم فقدوا فيه أخا ورفيقا ومناضلا ومفكرا عظيما، إن هذه الثروة الفكرية الثمينة ستضيء الدرب للإنسانية الجديدة في العالم الثالث، وتخليدا له قررت ترجمة كتابه (معذبو الأرض) إلى العربية، وهو الكتاب الذي أحدث دويا في أوروبا لم يحدثه كتاب آخر - حسب الجريدة - منذ بيان ماركس وإنجلز، وبالفعل تولت أسرة المجاهد ترجمته، واعتبرت نفسها أول من ترجم الكتاب إلى اللغة العربية، كما تعهدت بترجمته إلى أهم اللغات الأخرى في العالم الثالث الذي عاش فانون حياته النضالية والفكرية من أجل أبنائه، وقد افتتحت الترجمة بمقدمة للكتاب كتبها الفيلسوف الفرنسي جان بول سارتر.
لكن بعد نشر المقدمة والفصل الأول في الأعداد التالية بدأت بنشر الفصل الثاني، ثم توقفت الجريدة عن نشر الترجمة الموعودة، ولا ندري إن كانت قد ظهرت في مكان آخر، ذلك أن آخر عدد ظهرت فيه الترجمة هو ٣٠ أبريل ١٩٦٢، وظهرت عبارة (يتبع) في نهاية المكتوب ولكنه لم يتبع بأي شيء، فهل كان لتوقيع اتفاقيات إيفيان (١٨ مارس ١٩٦٢) تأثير على مواصلة نشر بقية الكتاب؟ إن أسرة تحرير المجاهد هي التي لديها الخبر اليقين (١).
وبعد أن انتهينا من تحرير هذه الفقرة من الفصل اطلعنا على ما كتبه محمد الميلي، وهو يضيء هذه النقطة، فقد قال إن وزير الإعلام في الحكومة المؤقتة محمد يزيد، قد كلفه بإصدار المجاهد بالجزائر، كما كلف رضا مالك ومصطفى الأشرف بإصدارها بالفرنسية بالجزائر أيضا، على إثر وقف إطلاق النار، أي خلال شهر أفريل ١٩٦٢، ويضيف الميلي أنه كان الوحيد الذي دخل الجزائر من