الفرق والأفراد الزائرين للجزائر قد انقطعت بهم السبل أو لم يغادروا بلدانهم أصلا.
حقا إن الموسم ١٩٥٥ - ١٩٥٦ قد بدأ بدايات مشجعة، فقد تعين باش تارزي من جديد مديرا للمسرح للمرة التاسعة، وكذلك مديرا لفرقة المسرح العربي الجزائري، وعقد أيضا مؤتمرا صحفيا شرح فيه برنامجه الفني للسنة الجديدة، وعلى إثر عودته من رحلة قادته إلى تونس ومصر، كانت له فرصة التعاقد والتعاهد مع الفنانين والفرق المسرحية لزيارة الجزائر، ولذلك جاء بحزمة من الوعود إلى مؤتمره الصحفي ليبرهن على نجاح سفرته وعلى النشاط الذي تحمله الأيام إلى المسرح وأهله، وقد ذكر أنه في مصر تعاقد مع ثلاث فرق هي فرقة يوسف وهبي وفرقة نجيب الريحاني وفرقة فاضل شوا، وتأسف على أن الظروف الراهنة لم تساعد الفرق المذكورة على زيارة الجزائر وتقديم عروضها فيها، وهو يشير بذلك إلى تطور أحداث الثورة مما أدى إلى تأخير افتتاح الموسم المسرحي إلى ٢٥ أكتوبر ١٩٥٥، ولكن الوضع قد ازداد توترا بالنسبة لسكان المدن، فإذا كانوا ينتظرون الهدوء، فإن ذلك كان أضغاث أحلام، ومن ثمة اضطرب برنامج الموسم الثقافي، ومنه المسرح.
وعلى كل حال فلندع الآن باش تارزي يقدم نشاطه الموعود في الموسم الجديد رغم أسفه، فقد وعد سامعيه بأن فرقته ستحاول إرضاء جميع الأذواق على الرغم من عدم وصول الفرق الزائرة، وشكر رجال بلدية الجزائر على حضورهم وعلى الدعم الذي قدموه لفرقته ماديا وأدبيا، وأصر على أنه تعاقد مع نفس الفرق التي تعاقد معها في الموسم الماضي، ثم وزع الأدوار على أعوانه فقال إن رئاسة الجوق الموسيقي ستبقى في يد مصطفى اسكندراني وإن قدور الصرارفي (من تونس) سيكون سندا أيضا لزميله اسكندراني في قيادة الجوق الموسيقي، ووعدهم بأنه سيوجه المسرح وجهة جديدة فيكون الاهتمام بالدراما والميلودراما أكثر من الاهتمام بالمسرحيات الفكاهية وحفلات الرقص والاستعراض، وربما نلاحظ أن هذا التغيير في التركيز على الدراما ونحوها