للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صورا من المرحلة الأولى للثورة) عند انتشارها في المدن بعد أن تغلبت على قوى الشر في الأرياف، فإن مسرحية (دم الأحرار) قد عكست مرحلة أخرى من الثورة، ونقلتها إلى الريف حيث تجري حوادثها، ولكن موضوعها ليس هو الريف فهي ترجع إلى ما بعد مارس ١٩٥٩ إذ تشير إلى خط (شال) حيث تجري أحداث الرواية، لذلك فموضوعها ليس هو الشعب الذي يفترض فيه أنه أصبح كله إلى جانب الثورة، لكنه هو المجند الجزائري، ذلك أن الاستعمار يحاول أن يستعمل المجندين ضد الثورة، بينما الثورة تحاول تجنيدهم وكسبهم إلى جانبها، وهنا يصبح الصراع صراع المجند مع نفسه، صراعا ذاتيا، وقد نجح الممثلون في تجسيد هذا الموقف، وكانت الرواية محبوكة، ولها عقدة قوية وتتمتع بنفس المفاجأة التي مثلتها مسرحية أبناء القصبة، إن (دم الأحرار) هنا ليس دم التضحية الذي يسيل عند الكفاح، ولكنه دم الأجداد الذين هزموا، وظلوا يتطلعون إلى يوم الانتقام والثورة.

وقد تابع الجمهور - حسب الجريدة - مسرحية (دم الأحرار) بشغف متأثرا بمناظر التعذيب، وقامت الفرقة الفنية الجزائرية بتمثيل المسرحية فأحسنت التمثيل، وهنأت الجريدة الفرقة، ولا سيما مصطفى كاتب الذي أبدع في دوره، كما قالت، كما أجاد المؤلف موضوعه الدقيق وحوادثه المثيرة.

وقد مثلت دم الأحرار يومي ٢٩، و ٣١ ديسمبر ١٩٦١ على المسرح البلدي التونسي أيضا، فبعد أبناء القصبة سنة ١٩٥٩، والخالدون سنة ١٩٦٠، جائت دم الأحرار لتنتهي بها سنة ١٩٦١، في محاولة مسرحية جديدة مستوحاة من معركة التضحية والوطنية (١).

ويبدو أن السلطات الاستعمارية قد كشفت النشاط الفني الشعبي للتغطية على ما يقوم به


(١) المجاهد، ١١٢، ٨ يناير، ١٩٦٢، والمجاهد / بالفرنسية ٨٩، ١٦ يناير، ١٩٦٢، انظر أيضا تاريخ الصحافة في الجزائر للزبير سيف الإسلام، الجزائر، ١٩٨٢، ج ٢؟

<<  <  ج: ص:  >  >>