بكل حماس وفخر قدمت (المجاهد) ما اعتبرته أول فيلم جزائري أنتجته الثورة، وهو فيلم (جزائرنا) الذي خرجت به الجريدة على قرائها مع صورة لانفجار من الشريط نفسه علقت عليه بقولها: (من واقع الثورة الحي)، ولم تذكر المجاهد شيئا عن هذا الفيلم القنبلة ولا عن الممثلين ولا مكان التصوير ولا زمنه أو مدته، لقد اكتفت بقصته، بموضوعه وبكونه يصور أثر الحرب المدمرة على القرى والأرياف وسط مناظر الأطفال وهم في حالة رعب من جنود مسلحين بالحقد والكراهية، على حد تعبيرها، إنهم جنود يحملون الموت والخراب في كل مكان، تلك هي (جزائرنا)، البؤرة الوحيدة المشتعلة بالحرب في العالم، إن قصة الفيلم تمتد ١٣٠ سنة من الاضطهاد والنهب واغتصاب الأرض والاحتكار، وطرد السكان إلى الأكواخ والبطالة والذل، إنهم ملايين النساء والأطفال والرجال الذين أصبحوا بلا مستقبل، بلا وطن، وهو (جزائرنا).
ولكن الشعب المطرود من أرضه المغتصبة لم يستسلم، إنه يتمتع بإرادة النضال والثورة على الظلم والاستعمار من أجل أن تعود (جزائرنا) المغتصبة، كما أن المستعمرين صمموا على الاحتفاظ بالجزائر وقابلوا المقاومة بالحديد والنار وبجيش مدجج بالسلاح العصري يحمل معه (النابالم) والقنابل الحارقة وأدوات التعذيب ليقمع بها (جزائرنا) التي ظلت رافعة الرأس شامخة الذرى، لقد فتح العالم عينيه على الفاجعة، بينما فتح الممثلون الجزائريون ملف (جزائرنا) أمام هذا العالم فأصبحت مثالا للصمود والدفاع عن الحرية، هذا الصمود والكفاح قام بهما شعب مصمم على انتزاع حقه وهويته التي سرقها منه الاستعمار سنة ١٨٣٠.
إن شريط (جزائرنا) فيلم وطني أنتجته وزارة الأخبار في الحكومة المؤقة، وقد عرض يوم ٦ نوفمبر ١٩٦٠ على إطارات الحركة الوطنية بتونس، ثم على الصحفيين يوم ٨ من نفس الشهر، وقد تساءلت المجاهد: هل هو فيلم جميل؟ وقد ردت على السؤال بنفسها فقالت: من يسأل عن الجمال في الأفلام