مضادة للدعاية الفرنسية، ويبدو أن الجزائريين لم يكتشفوا أهمية السينما كوسيلة إعلامية إلا بعد مضي وقت طويل على تقدم الثورة، فهل ذلك راجع إلى (تأخر) انضمام الأشخاص المؤهلين إلى الثورة، أو إلى قلتهم من حيث العدد، أو إلى تأخر جبهة التحرير في تحضير طاقم وجهاز للسينما إلا سنة ١٩٥٩ أو ١٩٦٠؟
ففي ١٩٥٩ أنشأت وزارة الأخبار قسما خاصا بالسينما، فتولى التصوير ورصد حرائق القرى والمدن وإعداد الأفلام الوثائقية عن المعارك، لإبراز معاناة الشعب في صراعه اليومي مع السلطات الفرنسية، وقد أعد قسم السينما ستة أفلام وثائقية عن الثورة، واتفق مع بعض الشركات العالمية على توزيعها على محطات التلفزة، وفي نفس الوقت أنشأت الوزارة قسما للاسطوانات مهمته تسجيل الأناشيد والموسيقى الوطنية والخطب والمحاضرات، وكانت الوزارة ترسل بهذا الإنتاج إلى مكاتب الإعلام المنتشرة في العالم، وقد أنتج هذا القسم، بناء على السيد محمد يزيد، واحدا وعشرين أسطوانة (١).
هذه تقريبا خلاصة ما قامت به الوزارة في ميدان معين، وهو الاسطوانات، فماذا عن الأفلام؟ لقد لاحظنا أن الأفلام الأولى كانت وثائقية قصيرة، وسنشير إلى طولها قريبا، ومعظمها كانت ترصد الواقع الجزائري وأحداث التاريخ وتقدم عنه صورة للرأي العام العالمي، هذه الأفلام كانت تعتمد على الشهود، وعلى ما حدث للاجئين، وما قام به جيش التحرير من عمليات وغيرها، ومعاناة الشعب الجزائري ماضيا وحاضرا، وأفلام من هذا النوع لا يتوقع منها توخي الجمالية والفن، كما لاحظت المجاهد من قبل، ولم يهتم المصورون لهذه الأفلام إلا بالصورة المباشرة وابتعدوا عن الرموز والغموض، إن السينما الجزائرية الثورية ولدت في الجبال وجسدت أحداث الثورة.