للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نصت وثائق الصومام على أن كل منشور أو تصريح أو مقابلة أو إعلان من جبهة التحرير اليوم له وقع عالمي، لذلك علينا أن نتصرف بمسؤولية محافظة على الجزائر في الساحة الدولية، الجزائر الزاحفة إلى الحرية والاستقلال) (١).

وهكذا فإنه منذ ١٩٥٦ دخل كل من علي الجناوي وفوتييه وغيرهما في العمل السري تصحبهم الكاميرا وصوروا المناظر والمشاهدات لفعاليات الثورة المسلحة، ولم يعش من هذه الجماعة بعد الثورة إلا القليل، ولكن ما جمعوه من وثائق وصور ومناظر يعتبر أول إنتاج سينمائي جزائري، وكان الأسلوب الذي سجلت به الأحداث وركبت به الصور يعتمد الرؤية (الفكرة) اليسارية ويلاحظ عليه عدم الدقة والإتقان حسب تعبير السيد محرزي، غير أن ذلك لم يفقده القيمة الوثائقية.

وفي سنة ١٩٥٨ اشتدت المعركة المسلحة فأصبح من الصعب الحصول على شحن المصورة بالأشرطة (البيليكول)، مما اضطر مصلحة السينما إلى الانتقال إلى تونس، تاركة تبسة خلفها، وعندئذ ألحقت (مصلحة السينما الوطنية) بوزارة الداخلية في الحكومة المؤقتة، وفي نفس الوقت وانطلاقا من الصور التي التقطها سرا رينيه فوتييه وعلي الجناوي أخرج فيلم (الجزائر تلتهب) على يد فوتييه، وعندما تأكدت الحكومة المؤقتة من فائدة الرسالة الثورية للعمل السينمائي قررت إرسال بعثة إلى البلاد الاشتراكية ليتكونوا فيها، وكان على الحكومة أيضا أن توفر الوثائق الدامغة والصور المعبرة لتقنع وتكسب الرأي العام لصالح القضية الجزائرية، وتقاوم بها الدعاية الاستعمارية، وأغلب الصور التي أصبحت متوفرة عندئذ كانت قد أخذت على الحدود الجزائرية التونسية، أي من قواعد جيش التحرير، ومنها خرجب مجموعة من الأفلام التي أتينا على ذكرها، ويؤكد الباحثون على أن فترة ١٩٥٧ وما بعدها قد شهدت ميلادا ثقافيا حقيقيا


(١) محرزي، السينما الجزائرية، ص ٦٢، وقد اقتبس النص من مندوز: الثورة الجزائرية بالنصوص.

<<  <  ج: ص:  >  >>