للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والآخرين فقد نسيه الناس فيما يبدو، على هذا العهد (١).

إن الذين درسوا علاقة الجزائريين بالسينما في العهد الاستعماري خرجوا بنتيجة وهي أن الأفلام الفرنسية كانت تجعل من الجزائر موضوعا فقط باعتبارها إقليما فرنسيا يتميز بطبيعة خاصة فيها النخيل والفروسية، وفيها حي القصبة والإنسان الأهلي .. وكلها تشكل عناصر لديكور غريب وجميل، فكان الفيلم نفسه يمرر الفكرة التي يريد الاستعماريون الترويج لها، وقد ذكروا لذلك نماذج من الأفلام مثل (نداء البلاد) لموريس قليز، و (البلاد) لجان رينوار، و (عطش الرجال) لسيرجي وليني، ولكننا لا ندري الآن متى أنتجت هذه الأفلام، قبل الثورة أو أثناءها.

كان الجزائري في هذه الأفلام إنسانا محددا، فهو متوحش يجب تخليصه مما هو فيه من رذائل، وعملية التحرير هذه جزء من الديكور نفسه، وإذا حضر ففي مشهد للخيانة ضد المهمة الحضارية الفرنسية، وفيما يخص التوزيع والإنتاج فالجزائري غائب عن الكاميرا باستثناء شخصين هما مصطفى قريبي والطاهر حناش اللذان أنتجا أفلاما للتلفزيون، كما أن إنتاج الأفلام الفرنسية مليء بالدعاية العنصرية ضد العرب، فهذا سيرجي وليني يقول على لسان بطل فيلمه عطش الرجال: (لم يعد هناك سارق عربي بعد اليوم، ولا مرابي يهودي، بل مسلحون مستعمرون فقط، هذا فقط! هذا فقط!) (٢).

من الذين اهتموا بترقية الإذاعة والتلفزيون وأنتجوا أفلاما السيد سفير البودالي، فقد كان مسؤولا عن الإذاعات الفنية والأدبية قبل بدء التلفزيون، أي من سنة ١٩٤٣ إلى ١٩٥٨، وفي هذا التاريخ نقل إلى التفتيش في وزارة التهذيب القومي، وكانت شهرته تقوم على ثقافته الواسعة بالفرنسية وخبرته


(١) جريدة الوطن - بالفرنسية - ١٤ ديسمبر ٢٠٠٤، وكان البرنامج الذي أعدته البلدية تحت عنوان (السينما والثورة اعترافا بفضل فوتييه، بين ١١ - ١٣ ديسمبر ٢٠٠٤.
(٢) لطفي محرزي، السينما الجزائرية، سابق، ص ٥٩ - ٦٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>