للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

زار محمد راسم الأندلس أيضا على نفقة الولاية العامة بالجزائر، وامتلأت مشاعره بمشاهدات الآثار الإسلامية والتحف والزخارف في مدن قرطبة وغرناطة وإشبيلية وغيرها، وأخذت شهرته تزداد بين المختصين، وعرض إنتاجه في المعارض الدولية في مدن القاهرة وباريس وروما وفيينا وأستكهولم ... وتردد على السويد بالخصوص عدة مرات، فرحبت بفنه وتزوج منها، وقد اهتم النقاد بلوحاته ونوهوا بها، وأعجبوا بدقة صنعته وجمال تعبيره وسلامة ذوقه، وعندما رجع إلى الجزائر سنة ١٩٣٣ عرض لوحاته، واقتنيت أربعة منها، ونال الجائزة الفنية الكبرى، وعين أستاذا في معهد الفنون الجميلة حيث بقي إلى سنة ١٩٥٥ يلقن الشباب أصول الفن الإسلامي الأصيل.

ورغم أنه تأثر بالفن الإيراني فإن موضعاته كانت مستوحاة من التاريخ الجزائري كما لاحظنا في اللوحات التي ذكرنا بعضها، ففي لوحاته تظهر الروابي المحيطة بخليج الجزائر، والمنازل الأندلسية (الموريسكية) والبساتين والملابس والوجوه والتقاليد، ولمحمد راسم الفضل في بعث فن المنمنمات، حسب السيد (أنجلي) بعد أن اختفى قرونا في طي النسيان، واشتهر اسم راسم في العالم وحظي بتقدير عظيم حتى أنه انتخب عضوا شرفيا في الجمعية الملكية الإنجليزية للتصوير سنة ١٩٥٠، ومن تأثيره أن بعض الفنانين في المشرق رجعوا إلى فن المنمنمات بعد أن أهملوه زمنا، رغم أنه فن أجدادهم، وأصبح فن راسم يدرس لذاته مما يدل على تأثيره في النهضة الفنية المعاصرة، لقد رفع رأس الجزائر عاليا في الشرق والغرب.

وقد اشتمل مقال (أنجلي) على لوحتين كنا أشرنا إليهما وهما:

١ - شارع (سوق) في مدينة الجزائر مليء بالحركة واختلاط الرجال والنساء والأطفال، وهم في حديث وانسجام، وفي حالة بيع وشراء، وتطل مباني القصبة على المكان في انسجام مع زخرفة السوق، وتظهر اللوحة في المقال بدون ألوان.

<<  <  ج: ص:  >  >>