للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

محاضرة القاضي ابن حورة وعنوانها (هل أهل شمال إفريقيا مشارقة؟)، ورغم أن كاتبها الأصلي مسلم ومن رجال القضاء فيما يبدو وكان ربما بإمكانه أن يترجم محاضرته بنفسه فقد قام شخص اسمه محمد الحاكم (؟) بترجمتها، وقد تفلسف ابن حورة بعض التفلسف واستنجد بالتاريخ وبنظرية (غوتييه) المعروف بمعاداته للحضارة العربية الإسلامية وانتصاره للرومان والفرنسيين، يقول ابن حورة إن الإسلام مادة وروح، وأن الإسلام قديم وجديد (شاب وشيخ)، وأن المدنية الرومانية قد انقرضت من شمال إفريقيا، بينما المدنية العربية بقي منها شيء (كذا) وأن الحضارة الرومانية مع ذلك تركت عظماء بينما الحضارة العربية لم تترك عظماء عدا ابن خلدون، (هذا هو رأي غوتييه، ولكنه يشكك حتى في قدرة ابن خلدون، وهو ربما ما لم يدركه ابن حورة).

وقد كرر ابن حورة نظرية الجغرافي الفرنسي (غوتييه) في الاعتماد على الطابع الروحي للحضارة وليس الطابع المادي فقط، واستدل هذا الفيلسوف الجديد (ابن حورة) بنظرية طه حسين في كتابه (مستقبل الثقافة في مصر) من كون المصريين أوربيين في توجههم رغم أنهم يعيشون في المشرق، أي أنهم ليسوا مشارقة بل هم أوروبيون وضعتهم الجغرافيا في المشرق، كما استدل ابن حورة بكون الإسلام يعلو على القوميات، والمقصود بالذات هو أن أهل شمال إفريقيا أوروبيون وإن كانوا يعيشون في إفريقيا على بقايا الحضارة العربية الإسلامية، تمهيدا للاندماج في الفرنسيين وطعنا في ظهر الحركة الوطنية ودعاة الاستقلال (١).

ولا شك أن فكرة ابن حورة هذه تتماشى مع تيار فرنسي يقول بأن أهل شمال إفريقيا (البرر؟) أوربيو الأصل، دون الإلتفات إلى كون مؤرخي اليونان والعرب لا يعتبرونهم كذلك، ومهما كان الأمر فإن هذه الأفكار انطلقت مع الثورة لإضعاف قوتها وشل أهدافها وخدمة فكرة الاندماج التي أصبحت


(١) هنا الجزائر، يونيو، ١٩٥٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>