أحياءها الفقيرة ولكنه حي غني بالتقاليد والإرث الحضاري العربي الإسلامي. كان بزوغ نجمها أيام شروق شمس ابن باديس وحركة الإصلاح في قلب قسنطينة، فكان تعلمها حسب هذه الشحنات التي تلقتها وهي صغيرة فصادفت قلبا فارغا فتمكنت وظلت معها إلى اليوم، وما كادت تبلغ الرابعة حتى أفلت شمس ابن باديس، وركعت فرنسا على ركبتيها أمام النازية، وعندما أخذت تعي أوليات الحياة جرت بإقليم قسنطينة حوادث الثامن مايو فتركت ندوبا في كل بيت، وقد وجدتها الثورة بنتا في مرحلة المراهقة، ومع ذلك ظهر قلمها مبكرا على جريدة البصائر التابعة لجمعية العلماء.
بدأت زهور ونيسي تكتب في هذه الجريدة مقالات اجتماعية وصورا قصصية من واقع الحياة الذي كانت تعيشه أو تشاهده في الشارع والمدرسة والسوق وبيوت الفقراء والأغنياء على السواء، وكانت قسنطينة أوائل الخمسينات تعيش حركة ثقافية وتعليمية لم تشهدها مدينة أخرى في الجزائر، ففيها مدرسة التربية والتعليم، ومعهد ابن باديس، والمعهد الكتاني، والمدرسة الفرنسية - الإسلامية، وفيها صحيفة (النجاح) و (الشعلة)، إلى جانب عدد من الصحف والمدارس والنوادي الأوروبية، وفي قسنطينة أيضا كان هناك نادي الاتحاد الإسلامي باتجاهه الوطني الإصلاحي، ونادي صالح باي العتيق، وجمعية المزهر القسنطيني بقيادة أحمد رضا حوحو ... وكل هذه المراكز قد أثرت على الفتاة زهور ونيسي، وهي تستقبل ربيع الحياة وربيع الثورة والحرية. وكان عملها (الرسمي) هو التعليم الذي صعدت منه إلى الكتابة وإلى المجتمع ثم إلى السياسة والقيادة.
بعد الاستقلال جمعت ما عندها من قصص وقدمتها للنشر، فكانت أول امرأة تشق طريقها، وبخطى سريعة، نحو النشر ومزاحمة الرجال في إنتاج القصة والرواية والمذكرات، فصدر لها الرصيف النائم، وعلى الشاطى الآخر، ومن يوميات مدرسة حرة، وغيرها، كما زاحمت الرجال في الوزارة والنيابة في البرلمان، وعضوية اتحاد الكتاب وغير ذلك من المناصب العليا، دون الحديث