للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومع ذلك فلا نعرف أن البكداشية والنقشبندية قد انتقلتا إلى الجزائر حتى بعد دخول العثمانيين، والطريقة الوحيدة التي وجدت أرضية صلبة في الجزائر هي القادرية، وهي قد وصلت قبلهم، ولكنها ازدهرت أثناء حكمهم. غير أن هذا لا يعني عدم وجود التأثير الطرقي الآخر. فقد ورد على الجزائر خلال العهد المدروس علماء ودراويش من المشرق، أمثال الملا علي، الذي ذكره الفكون والذي أقام في قسنطينة والجزائر، والشيخ فتح الله الذي سبقت إليه الإشارة، ومحمد تاج العارفين العثماني التونسي، ولا شك أن الأفكار والمذاهب كانت تنتقل مع هؤلاء ومع الجنود والعائلات إلى أكثر المناطق عزلة في الجزائر.

وكانت بين المرابطين مراسلات حول معطيات التصوف. ومن ذلك وصية أحمد بن ناصر الدرعي لمرابطي الجزائر التي سماها (وصية لفقراء الجزائر) (١). ومنها رسائل عبد العزيز بن خليفة القسنطيني نزيل المغرب الأقصى إلى تلاميذه. وقد قيل إنه قد وصل إلى مرتبة الغوث والقطب، وأنه كان صاحب كرامات (٢). وقد اطلعنا على رسائل الأزهري مؤسس الطريقة الرحمانية التي بعث بها إلى تلدميذه عندما كان في القاهرة. كما رأينا عددا من رسائل محمد العربي الدرقاوي إلى أتباعه بالجزائر. وكان بعض العلماء يحصلون على مكانة بارزة في العلم والتصوف بعد تجوال وسياحة علمية ثم ينشرون ما حصل لهم بين معاصريهم. وكان بعضهم يخطط للثورة وطلب السلطان أيضا أمثال الشيخ يحيى الأوراسي.

وكان التأثير الطرقي غير مباشر في معظم الأحيان. فبعد هجرة الجزائريين إلى الشرق كانوا يتلقون مبادئ الطرق غير الموجودة في بلادهم،


(١) الخزانة العامة بالرباط، رقم ٢١٦٧ مجموع.
(٢) انظر عنه ابن عسكر (دوحة الناشر)، ٢٢٧ وهنا وهناك. ومن تلاميذ القسنطيني هذا محمد التمغروطي صاحب الرحلة التي نقلنا عنها. انظر أيضا عنه محمد المنوني (مجلة تطوان) عدد ٨. وقد قدر المنوني عدد أوراق رسائل القسنطيني في إحدى المخطوطات بـ ٥٦ ورقة. انظر أيضا (إتحاف أعلام الناس) لابن زيدان ١/ ٣١٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>