للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بتسجيل الحدث الخطير كما سارعت المجاهد بنشر القصيدة السباعية الأبيات ذات الأغصان والقفلات، وقد تحدث فيها عن أثر القنبلة على الأطفال، خصوصا أولئك الذين قد يولدون عميانا، وعنوانها يدل على ذلك وهو (ابن القنبلة الذرية):

ما دهاه ويل أمه ما دهاه ... ويلتاه من جيله ويلتاه

ما له في الحياة يولد أعمى ... لم تر الكون باسما مقلتاه (١)

كان الشاعر مفدي زكرياء يتابع أحداث الثورة بتفاصيلها وينفعل معها بكل جوارحه فإذا بالمستوطنين في العاصمة، وهم أنصار (الجزائر فرنسية)، قد تمردوا على حكومتهم ونادوا بسقوط رؤسائهم، فاستغرب كيف يتمرد (العصاة على العتاة) ورأى أن رؤوس العتاة قد طأطأت لهذه العصابة فقال:

ما للعصابة في الجزائر مالها ... ما للجبابر ساجدون حيالها

ما للعصاة على العتاة تمردت ... فغدت تصب على الرؤوس نكالها (٢)

خرج مفدي زكرياء من الجزائر في شهر مارس سنة ١٩٥٩، ومنذ فبراير ١٩٦٠ لم نعد نقرأ له شعرا في المجاهد، يقول بعض الباحثين إن له قصائد في المجلات والجرائد التونسية، مثل الصباح، والفكر، والإلهام، والإذاعة ... ويبدو أنه استمر في هذا النشاط إلى ٢٥ نوفمبر ١٩٦١ (٣).

ويمكن القول إنه بعد خروجه من الجزائر ومروره بتونس توجه إلى المشرق العربي، وهناك أصبح معروفا بشاعر الثورة ووجد سمعته قد سبقته إلى المشرق، وقد انفتحت أمامه أبواب الشهرة والظهور على منصات الشعر في المهرجانات الأدبية، فغنى لها قصائد وضرب على أوتارها اسم الجزائر حتى


(١) انظر المجاهد ٦٢، ٢٢ فبراير ١٩٦٠، انظر ركيبي، دراسات في الشعر الجزائري الحديث فقد درس هذه القصيدة وقارنها بأختها لصالح خرفي.
(٢) المجاهد ٦١، ٨ فبراير ١٩٦٠، وقد وقع التمرد يوم ٢٤ يناير.
(٣) الجابري، النشاط العلمي، مرجع سابق، ص ٣٩٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>