الصحراء) التي تغنى فيها بجمال الصحراء وطبيعتها وصفائها، مع التذكير أنه كان عندئذ يعلم في بسكرة التي تعتبر بوابة الصحراء، ومما جاء فيها:
بسط الرمل راحتيه وحيا وحبا ... النخل طيبه القدسيا
واستوى في الفضاء يرفع جيدا ... مستطيلا يضوع مسكا زكيا
فكأن النخيل في البيد بحر ... ذو سوار يخوض بحرا حييا (١)
شعر أحمد معاش الأول أجمل من شعره الأخير لسببين: أنه في البداية كان مفعما بالشباب ويحاول أن يجود الشعر ويرققه ويتخير له الألفاظ المناسبة والصور الجميلة، وكان مهتما بالطبيعة والإنسان، أما شعره الأخير فقد تميز بالارتجال، وقلة المراجعة، والاندفاع بحيث يقرأ عن الحادثة في الصحف أو يسمع عن وفاة مجاهد أو زعيم فيصوغ الخبر قصيدة طويلة أحيانا، ولم يعد يكترث بالأسلوب والصور وإنما أصبح مهتما بتوصيل صوته والتعبير عن رأيه في الحدث نفسه، وقد حاولت في مراسلاتي معه أن أثنيه عن هذه الطريقة، واقترحت عليه ذات مرة التوقف عن قول الشعر برهة، أو مراجعته ونقده الذاتي قبل نشره، ولا أدري ماذا كانت دوافعه في الإسراع بنشر شعره: هل هي المادة (وكان في حاجة إليها) أو هي الشهرة، أو التخلص فقط من الشحنة الثقيلة التي دفعت به إلى نظم القصيدة.
نظم معاش القصيدة العمودية في الأغلب ولكنه نظم أيضا الموشح، والقصائد متعددة القوافي والأجزاء، وحاول الشعر الحر، وكان متدفق المشاعر تواتيه الألفاظ ويسيل به القلم حتى يعتقد قارئه من سرعة ردوده أنه يشعر ولا يفكر، يكتب ولا يتأمل.
أما حياته فقد لخصها محمد ناصر في كونه ولد في باتنة سنة ١٩٢٨. ودرس في مدارس جمعية العلماء في باتنة وقسنطينة، ثم في جامع الزيتونة