أما الإنتاج باللغة الفرنسية وفي فرنسا بالذات، فقد وفرته مجموعة من الكتاب اخترقوا حاجز الاستعمار وخرجوا بأدبهم - ولاسيما الرواية والشعر والقصة - إلى العالم من حولهم، فكانت مؤلفات مالك حداد، وكاتب ياسين، ومولود معمري، ومولود فرعون ومحمد ديب وآسيا جبار قد لفتت الأنظار إلى ظاهرة تسمى الأدب الجزائري بلغة المستعمر.
ولكن هذه الكوكبة من الأدباء سطعت ثم انطفأت بسرعة أو كادت، فقد أبدعت خلال الخمسينات ثم توارت بالحجاب وكادت تترك ساحة الإنتاج بدون فارس، لماذا؟ لقد أشرقوا فجأة وأفلوا فجأة أيضا، مع بعض الاستثناء، ربما لأن استمرار الثورة، ولا سيما بعد ١٩٥٩، خيب آمالهم في استجابة السلطات الاستعمارية لمطلبهم وهو إيجاد حل مناسب يرضي الطرفين: الجزائري والفرنسي، فقد كان أغلبهم يؤمن بأن على البلدين ألا يفترقا، وإلا ستحل الكارثة، وقد زاد ظهور التطرف من جانب منظمة الجيش السري وتقاتل الإخوة في فرنسا (الجمهويون والمصاليون) وإصرار الجبهة على رفض المفاوضات إلا على أساس الاستقلال الكامل، زاد كل ذلك من مخاوف الكتاب باللغة الفرنسية من شبح المستقبل، كما أن بعضهم، مثل مالك حداد، قد دخل جبهة التحرير ميدانيا وأصبح متحدثا باسمها في مؤتمرات الكتاب الدولية، بينما بقي آخرون يرضعون من ثدي غيض حليبه وجفت عروقه، فالتزموا الصمت أو عاتبوا التطرف والتعصب اللذين سيحرمانهم من مستقبل سعيد للجميع، حسب رؤيتهم.
وقد حاولنا أن نستعمل نفس التصنيف الذي استعملناه في كتاب التاريخ الثقافي السابق، غير أن ضعف الإنتاج قد حرمنا من كمال الصورة، لذلك اضطررنا إلى وضع عدة تخصصات تحت عنوان واحد، وهناك مواد وتخصصات ليس لها وجود أصلا تقريبا في هذه الفترة، كالكتب الدينية والعقائد وكتب اللغة، ونحن نريد أن ندرس ما تركه الجزائريون وليس ما تركه غيرهم، وكان