من مؤلفات مالك بن نبي التي ظهرت مع الثورة كتابه (هوية الإسلام) الذي نشر في باريس ١٩٥٤، وهو الكتاب الذي كان قد فرغ من تحريره سنة ١٩٥٠، ولكن مقدمته مكتوبة في يونيو ١٩٥٤، ويبدو أنه لم يدخل عليه تعديلات رغم الحوادث التي جرت بعد تحريره، ولا سيما حوادث فلسطين، وجاء فيه أن ما يصنع تاريخ العالم الإسلامي اليوم ليس المؤامرات الخارجية التي تشل نهضته مؤقتا ولكن العمل الخفي والمستميت لحركيته العميقة، وقد خصص مالك بن نبي هذا الكتاب للعمل من أجل توجيه هذه الحركية، وأعجب بما قام به المستشرق الإنجليزي هارولد جيب في كتابه (الاتجاهات الحديثة للإسلام) حتى أنه أحال عليه الفصلين الثاني والثالث من هوية الإسلام، ولكنه لم يتابعه في الأفكار، واختار طريقه الخاص في التفكير، فرد عليه مثلا فيما يتعلق (بالأوتوميزم) وقال إنها ليست خاصة بالعقل العربي، كما ذهب إلى ذلك جيب، بل هي ظاهرة بشرية عامة، كما أنه لم يتفق مع جيب في القول بـ (الاتجاه الإنساني) للحداثة العربية، وهو الاتجاه الذي استعاره جيب من الثقافة الغربية، وأحال ابن نبي على كتابه (الظاهرة القرآنية)، ولا سيما فصل العلاقة بين القرآن والإنجيل، واتهم الأوربيين بوصف الدول الإسلامية بالمتأخرة دون أن يقولوا إنهم هم الذين تسببوا في تأخرها، وتساءل لماذا كان على المثقفين المسلمين أن يبحثوا عن (الإنسانية) في أوروبا مثلا وفي استطاعتهم أن يجدوها في ثقافتهم وتقاليدهم.
قسم ابن نبي كتابه هوية الإسلام إلى فصول هي: مجتمع ما بعد الموحدين (أو ظاهرة الدورة التاريخية)، والنهضة (أو الحركة الإصلاحية أو الحداثية)، وفوضى العالم الإسلامي الحديث (العوامل الداخلية والخارجية)، وفوضى العالم الغربي، والطرق الجديدة، وإرهاصات العالم الإسلامي، وفي الخاتمة عالج ما أسماه (المستقبل الروحي للإسلام)، وفي غلاف الكتاب جاء أن ابن نبي لا ينتمي إلى أي حزب، وأنه يتعاون بانتظام مع جريدة (الجمهورية الجزائرية) لسان حال حزب البيان، كما أنه تعاون مع جريدة (الشاب المسلم)