بحوالي ستة أشهر، ومحتوى الكتاب عبارة عن رسائل كتبها المؤلف أثناء سجنه بفرنسا، حيث تنقل على الأقل بين سجنين من أول مارس ١٩٥٧ إلى ٢ سبتمبر ١٩٦١، والمعروف أن أحمد طالب كان طالبا في فرنسا عندما قامت الثورة في الجزائر، وكان من مؤسسي (الاتحاد العام للطلبة المسلمين الجزائريين) في ١٩٥٥ وأسندت إليه رئاسته لمدة عام على حد علمنا، وكان وهو طالب يساهم في تحرير جريدة (الشاب المسلم) التي أنشأتها جمعية العلماء باللغة الفرنسية لمخاطبة المثقفين الجزائريين بهذه اللغة.
بدأ الكاتب رسائله بأخيه ثم انصرف إلى المناضلين الجزائريين بدون تحديد، مستعملا عبارة (إلى مناضل جزائري)، ومنها رسائل إلى أعلام معروفين، وإلى علماء وكتاب ورجال دين وفلاسفة وقادة، مثل ريني حبشي. وماكسيم رودنسون، وجاك بيرك، وألبير كامو، وحيدر بمات، وهكذا فالرسائل تشمل الإفريقي والأوروبي والآسيوي، والجزائري والفرنسي، وأثناء تصفحي للكتاب لفتت نظري رسالة بتاريخ ٦ أغسطس ١٩٦٠، أي عقب انتهاء المؤتمر الرابع للطلبة المسلمين الجزائريين في تونس (بئر الباي)، وهو المؤتمر الذي حضرته ممثلا لفرع الاتحاد بالقاهرة، والرسالة موجهة إلى حرف (م) الذي لعله مسعود آيت شعلال الذي أعاد المؤتمر انتخابه رئيسا، ومهما كان الأمر فقد هنأه أحمد طالب بنجاح المؤتمر بناء على مقال قرأه في جريدة (لوموند) يوم ٤ أغسطس، واستغرب كيف لم يتعرص المؤتمر إلى انتساب الجزائر إلى العروبة والإسلام (وهو التعبير العزيز على والده) بينما تعرض كريم بلقاسم إلى ذلك في تصريح صرح به أصالة عن الحكومة المؤقتة.
واستمر أحمد طالب في نقده لبعض نتائج المؤتمر فقال إنه ليس من حق الاتحاد ملازمة الصمت إزاء هذه القضية لأن الثقافة هي مجال نشاط الاتحاد و (لا مفر من أن يكون لعروبتنا محتوى ثقافي في جوهره)، وأضاف أنه يسلم أن الصمت لم يكن شاملا، ونصح أحمد طالب الاتحاد في هذه المرحلة بالاهتمام بأمرين الأول تكوين الإطارات (وهو ما تفعلونه) وضبط محتوى