للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إبراهيم الغرياني القيرواني ومحمد تاج العارفين العثماني. وكانت له علاقة طيبة مع العياشي صاحب الرحلة الذي حج معه سنة ١٠٦٤ عندما كان الفكون أميرا لركب الحج الجزائري. وقد طلب منه العياشي عندئذ الاتصال بحضرته والانخراط في سلك طريقته، أي الطريقة الزروقية (١)، كما نزل عنده في قسنطينة العالم العثماني المللا علي ونشأت بينهما علاقات ودية، كما أشرنا. ولا نستطيع الآن أن نحصي مراسلاته واتصالاته، فهي كثيرة ومتنوعة، وجميعها تدل على مكانته العلمية في قومه وفي العالم الإسلامي عموما. فآراؤه إذن كانت تقوم على تجربة واسعة وعلوم غزيرة. ذلك أنه بالإضافة إلى التأليف كان له تلاميذ كثيرون يقصدونه من زواوة وعنابة ومتيجة والجزائر وغيرها، وكان مدرسا ناجحا في وقته (٢).

نقد الفكون علماء عصره سواء في الجزائر أو غيرها، وعاب على فقهاء المشرق تساهلهم في المسائل الفقهية. وقال إنهم كانوا يشربون الدخان في المساجد ولا يعظمونها حيث يأكلون فيها وينامون ويحلقون رؤوسهم. كما عاب عليهم تساهلهم في منح الإجازات وعدم احترام العلم. أما علماء بلاده فقد آخذهم على نقطتين بارزتين تعتبران مدار فلسفته في الإصلاح عندئذ، الأولى بيع ضمائرهم بقبول الرشوة وخدمتهم المطلقة للولاة وتضحيتهم بالعلم والأخلاق. والثانية انحراف المرابطين بادعائهم التصوف والولاية واتخاذهم الحضرة والوعدة وأكلهم الحشيش والاجتماع على الرقص الصوفي والغناء بهدف الحصول على المال واستغلال العامة والتحالف مع السلطة


(١) من ذلك نفهم أن الفكون كان من أتباع الطريقة الشاذلية أيضا. وممن تأثروا أيضا بالطريقة الزروقية عبد الرحمن الأخضري ومحمد بن علي الخروبي كما سبق، وكان أحمد زروق قد عاش فى بجاية وقسنطينة وتلمسان. وقد حاول التوفيق بين السلفية والتصوف.
(٢) من تلاميذه البارزين في قسطينة بركات بن باديس الذي ذكر أستاذه في تقييده (نزع الجلباب)، كما ذكر له جوابه عن لغز السيوطي في إحدى مسائل النحو. وقد اطلعنا على ذلك في مخطوط ضمن مكتبة ابن الموهوب.

<<  <  ج: ص:  >  >>