للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أثناء درس التفسير. فقد روى سعيد قدورة أن الرحال كانت تشد إلى شيخه محمد بن علي أبهلول لشهرته في علوم التفسير والحديث وما شابهها. وروى قدورة أيضا أن شيخه قد وصل في تفسيره إلى سورة الإسراء قبل أن يقتل سنة ١٠٠٨ (١). فهل كان الشيخ أبهلول يملي تفسيره إملاء أو كان يلقيه إلقاء على طلابه؟ هذا ما لا تفصح عنه الوثائق. والظاهر أن الشيخ كان يفسر باللسان ولا يسجل بالقلم. ذلك أن الذين ترجموا له تحدثوا عن براعته في عدة علوم أخرى ولكنهم لم يتحدثوا عن كتب أو تقاييد له. فهو إذن من المدرسين في التفسير وليس من المؤلفين فيه. ولا نتوقع أن يكون تفسير أبهلول تفسيرا حيا أو مبتكرا، وإنما نتوقعه تفسيرا تقليديا منقولا عن السابقين، مع قليل من ذلاقة اللسان وبيان العبارة، لأن الشيخ كان مشهورا أيضا بحذق العروض والمنطق والنحو، وهي علوم تساعد على فهم القرآن وجودة تفسيره.

وعندما ترجم أبو حامد المشرفي لابن للو التلمساني قال عنه إنه قد ختم تفسير القرآن الكريم في الجامع الأعظم بتلمسان. وكان والد المشرفي معاصرا أو قريبا من زمن ابن للو، فهو الذي حدث ابنه، أبا حامد، بأن ابن للو قد فسر القرآن حتى ختمه. وقد عرفنا في الجزء الأول أن ابن للو كان غير راض على الأوضاع السياسية بتلمسان وأنه كان ساخطا على العثمانيين حتى أنه أمسك بلحية القائد حفيظ التركي ورد عليه هديته من السمن والدقيق. ويكفي ابن للو أنه كان أستاذا لعدد من الطلاب الناجحين، وعلى رأسهم الشيخ محمد الزجاي (٢)، الذي اشتهر أمره أيضا أوائل القرن الثالث عشر. ونحن لا نستغرب أن يعمد ابن للو إلى تفسير القرآن الكريم ويتصدى لذلك حتى يختمه بالجامع الأعظم، فقد عرف عنه أيضا أنه كان من الأدباء الحاذقين حتى أن أبا حامد المشرفي جعله "خاتمة أدباء تلمسان


(١) سعيد قدورة، مخطوطة رقم ٤٢٢، مجموع المكتبة الوطنية، تونس. انظر أيضا أبو حامد المشرفي (ياقوتة النسب الوهاجة). انظر ترجمة قدورة في فصل التعليم من الجزء الأول.
(٢) عن محمد الزجاي انظر فصل السلك الديني والقضائي في جزء لاحق

<<  <  ج: ص:  >  >>