للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التواتي المغربي، الذي ورد على قسنطينة من المغرب، قد تثقف في المغرب في الفقه والنحو على الخصوص حتى أصبح يلقب بسيبويه زمانه. ومع ذلك فإنه حين جاء إلى قسنطينة وجلس للتدريس بها لم يستغن عن الذهاب إلى زواوة لتعلم القراءات السبع بها، وكان من شيوخه فيها عبد الله أبو القاسم، وقد أخبر عنه تلميذه الفكون أنه بقي في زواوة لذلك الغرض حوالي عام ثم عاد (ومتمكنا من علم القراءات) (١). ومن أشهر أساتذة القراءات بزواوة أواخر القرن الحادي عشر وأوائل الثاني عشر الشيخ محمد بن صولة الذي قرأ عليه العالم التونسي أحمد بن مصطفى برناز القراءات السبع أيضا (٢).

وفي تراجم الفكون وابن مريم إشارات إلى بعض العلماء الذين اشتهروا بتدريس القراءات وحذقها في عهدهما. ومن ذلك ما رواه ابن مريم في (البستان) من أن محمد الحاج المناوي قد تصدر للتدريس في عدة علوم ولكنه مهر خصوصا في القراءات (٣). أما الفكون فقد ذكر، أثناء نقده لعلماء عصره، إن محمد بن ناجي كان له درس عظيم ومشاركة في علم القراءات. وقال عن أحمد الجزيري إنه كان مدرسا من أهل الفتوى والشورى، وإنه كان يتعاطى التفسير والفقه ويدعى الأستاذية في القراءات السبع ومعرفة أحكام القرآن. وكلمة (يدعى) هنا لا تهمنا كثيرا لأن الفكون كان شديد النقد للعلماء الذين ضلوا، في نظره، سواء السبيل، لدخولهم في خدمة الولاة وأصحاب السلطة، والذي يهمنا هنا هو أن الجزيري كان يشتغل بالقراءات السبع (٤).

أما التأليف في القراءات خلال هذا العهد فقد كان أقل من التفسير. ويبدو أن جل اعتماد علماء الجزائر حينئذ كان على (مورد الظمآن) للشريشي


(١) ترجم له تلميذه عبد الكريم الفكون في (منشور الهداية). وقد توفي التواتي بالطاعون في باجة بتونس سنة ١٠٣١، انظر عنه سابقا.
(٢) حسين خوجة (بشائر أهل الإيمان). وقد توفي برناز سنة ١١٣٨. وزار برناز الجزائر سنة ١١٠٧.
(٣) ابن مريم (البستان). ٢٦٦.
(٤) الفكون (منشور الهداية) مخطوط. وقد حققناه، انظر سابقا.

<<  <  ج: ص:  >  >>