للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا يدل على أن اليبدري قد بدأ عمله قبل سنة ١١٧٢ وانتهى منه تصحيحا وتنقيحا سنة ١١٧٩.

وقد أوضح في البداية دافع تأليفه لحاشية طويلة على شرح الخرشي على خليل. فقال إن هذا الشرح رغم شيوعه بين الناس ورغم (كثرة خيراته وخلوه من الحشو) فإنه مفرط في الإيجاز حتى كاد يكون من الألغاز (فلا يهتدي إلى فوائده إلا بتعب وعناية، ولا يستكشف خفيات أسراره إلا بنظر دقيق ودراية). وهناك عامل آخر دفع اليبدري إلى القيام بعمله وهو أن العصر كان عصر مشاغل شغلت العلماء عن البحث وطلب الصعب من المسائل حتى عجزوا عن إدراك خفايا مختصر خليل وشرحه. فالهمم (قد ضعفت .. في هذا الزمان، وكثرت فيه الهموم والأحزان، وقل فيه الساعون من الأخوان، خصوصا بلدنا تلمسان) فقصروا عن فهم أسراره وإدراك عبارته وخفاياه. أما العامل الثالث لتأليفه فهو أن بعض زملائه قد طلبوا منه ذلك فلم يسعه إلا الاستجابة، وقد وصف هؤلاء الزملاء بأنهم طلاب حقيقة فرجوه أن يضع على شرح الخرشي حاشية (تبين ما خفي من معانيه، وتوضح ما أشكل من تراكيب كلامه ومبانيه، وتذلل المعاني الصعاب، وتميز القشر عن اللباب) فأجابهم إلى ذلك رغم انشغاله وقلقه و (كف الناظر) (١).

أما منهجه في هذا الكتاب فقد حاول أن يجعل الحاشية وسطا بين الإيجاز غير المخل والإطناب غير الممل، وخصوصا أنه جرده من الحشو. فقد قال إنه سلك فيه طريقة (الإيجاز غير المخل .. صارفا وجهي عن الإطالة بنقل الفروع .. معرضا عن التعرض لما ليس من مسائل الكتاب). عند شروعه في التحشية اتبع المنهج الذي كان سائدا في عصره أيضا فهو يفسر ألفاظ الشرح ملتزما الخطة التي ذكرها. ولم يقسم الكتاب إلى أبواب أو فصول وإنما اتبع في ذلك خطة الخرشي نفسه في المباحث التي وضعها.


(١) قد تعني هذه العبارة أن المؤلف قد كف بصره، فإذا كان هذا صحيحا فإن العبارة لا تتماشى مع عبارته السابقة قال كاتبه ومؤلفه الخ.

<<  <  ج: ص:  >  >>