للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وابن رشد. ورغم اعتراف الوهراني بأن المسألة خلافية فإنه انتهى إلى الأخذ برأي أهل السنة، كما يقول، ونبذ آراء المعتزلة ونحوهم. والملاحظ أن الرأي الذي وصل إليه الوهراني قد سانده فيه، بشهادات مكتوبة، أربعة من علماء تلمسان وهم. إبراهيم بن أحمد الوجديجي ومحمد بن عيسى وأحمد بن ملوكة ومحمد بن العباس. والوهراني المذكور هو نفسه صاحب الفتوى المشهورة التي أفتى فيها مسلمي الأندلس بالبقاء تحت الضغط وإخفاء دينهم والتظاهر بالنصرانية. وقد احتلت قضية اليهود مكانا بارزا في تكفير العلماء خلال العهد العثماني.

وكان العلماء بصفة عامة ناقمين على تدخل اليهود الاقتصادي والسياسي في الدولة، ولكن حماية بعض الباشوات والبايات لهم قد جعل العلماء يبلعون نقمتهم. ويظهر ذلك من بعض الفتاوى التي قد تبدو قاسية ضد اليهود. فقد عرفنا موقف عبد الكريم الفكون (الجد) من قضية المسمى المختاري الذي تطاول على الرسول (صلى الله عليه وسلم) والذي أفتى الشيخ بقتله رغم حماية السلطة السياسية في قسنطينة له. وأفتى الشيخ محمد الولي الحفي بإحراق اليهود والنصارى إذا أعلنوا سب الرسول (صلى الله عليه وسلم)، معتمدا في ذلك على مجموعة من الأحاديث والروايات التاريخية. وقد وضع رسالة في ذلك سماها (السيف الممدود في عنق من أعان اليهود) (١)، وأسهم محمد بن أحمد الكماد في هذه الحملة بإصدار جواب ضمن أجوبة علماء فاس بإبطال ما اشتهر به يهودها من عهد منسوب لرسول الله (٢).

ولأحمد البوني فتوى في الحضانة كتبها سنة ١١١٣ ونسخها ولده أحمد الزروق سنة ١١٤٥. ونحن نسوق بعض هذه الفتوى لا لموضوعهاولكن للأفكار التي وردت فيها والتي تلقي ضوءا على تفكير البوني وبعض


(١) المكتبة الوطنية - الجزائر، رقم ٢١٩٨ في خمس ورقات، وهي مكتوبة سنة ١١٧٢ بعد حادثة وقعت عندئذ.
(٢) انظر مخطوط رقم ٢١٢٠ د، الخزانة العامة بالرباط، ضمن مجموع. وانظر أيضا عن هذه الفضية (إتحاف أعلام الناس) ١/ ٣٣٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>