للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحوضي علم التوحيد أيضا بأنه (أشرف العلوم) وأنه أساس جميع العلوم. وفيها نظم جميع مسائل التوحيد المتعارف عليها، وجعلها سهلة مفهومة التعبير قريبة المعنى (يقرأها الصبيان في المكاتب) وتؤدي إلى إدراك قضايا التوحيد حتى يخرج قارئها من التقليد الأعمى في معرفة الله، كما أنه جعلها في متناول الكبار المنصفين من العلماء لاختصارها لمسائل المطولات. وقد كان الحوضي شاعرا بالسليقة ولذلك كانت أرجوزته سلسة العبارة وجيدة.

ورغم أن أحمد بن زكرى التلمساني، المعاصر للسنوسي أيضا، قد اشتهر، كما عرفنا، بدراسة التوحيد والتأليف فيه، فإن شهرته فيه لم تبلغ شهرة زميله السنوسي. ومع ذلك فقد كانا فرسي رهان في هذا الميدان. فقد ألف أحمد بن زكري رجزا في التوحيد سماه (محصل المقاصد به تعتبر العقائد)، وهو الذي وصفه ابن عسكر بأنه عمل بلا نظير (١)، وهو أيضا الرجز الذي اعتذر السنوسي عن شرحه قائلا إنه لا أحد يقدر على ذلك سوى الناظم نفسه. ورغم صعوبة عمل ابن زكرى فقد قام الورثلاني في القرن الثاني عشر بشرح (محصل المقاصد)، ولكنه أخبر أنه لم يتمه.

فإذا عدنا إلى عقائد السنوسي، وجدنا أن شراحها كثيرون، ومن أوائل من شرح العقيدة الصغرى تلميذه ومترجمه محمد بن عمر الملالي (٢)، كما تناولها أحمد بن أغادير الذي كان، كما يقول ابن عسكر، من جبال بني راشد. ونحن لا نعرف عن هذا الشرح أكثر مما ذكره عنه صاحب (دوحة الناشر). فقد قال إن كتب ابن أغادير كانت منبعا للباحثين، ولا سيما في علم التوحيد والشريعة، كما أنه قد نسب إليه (تعاليق) لا ندري موضوعها.

ولكن شهرة ابن أغادير ظلت كشهرة السنوسي وابن زكرى، تقوم على علم


(١) (دوحة الناشر) لابن عسكر (الترجمة الفرنسية)، ٢٠٥، وعن ابن زكرى انظر الفصل الأول من الجزء الأول.
(٢) الخزانة الملكية بالرباط، رقم ٩٠٧٣، مجموع، والشرح في حوالي ٢٦ ورقة.

<<  <  ج: ص:  >  >>