للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولم يذكر الرماصي المنهج الذي سار عليه في تعليقه بل دخل مباشرة في عمله فبدأ يبين ألفاظ ومعاني كلام السنوسي. فكلامه إذن كلام تقليدي، وإنما أضاف إليه معارفه الخاصة وأسلوبه. وهذه الحاشية تعتبر جهدا ضخما إذا حكمنا من حجمها (١).

وقام الورتلاني بشرح وتحشية عمل السنوسي أيضا. فالورثلاني، كما عرفنا، كان مولعا بعلم التوحيد، وقد ناقش فيه علماء الخنقة وانتصر له وبين أنه ضرورى لمعرفة الله، وأنه ضروري أيضا للمتصوف. وكان السنوسى، الذي يسمونه أحيانا (شيخ الموحدين) قد قال عن علم الكلام (ليس علم من علوم الظاهر يورث معرفته تعالى ومراقبته إلا علم التوحيد وبه يفتح له في فهم العلوم كلها. وعلى قدر معرفته به يزداد خوفه منه تعالى وقربه منه) (٢). لذلك وضع الورثلاني شرحا على خطبة أو مقدمة شرح السنوسي على صغراه، كما وضع حاشية على شرح السكتاني المراكشي على صغرى السنوسي أيضا. وقد أخبر الورثلاني في رحلته أنه أطلع الشيخ الحطاب في مصر على هذين العملين فاستحسنهما، وكان ذلك أثناء توجهه إلى الحج (٣). ومن هذه الإشارة نفهم أن الورثلاني قد أكمل الشرح والحاشية. والورثلاني من العلماء القلائل الذين وضعوا أيضا شرحا على وسطى السنوسي. وهذا كله يبرهن على عنايته بعلم التوحيد.

ولكن الورثلاني لم يكن وحده في هذه العناية. فقد عرفنا أن معظم العلماء كانوا يدرسون علم التوحيد ويكتبون فيه. ومن هؤلاء ابن مريم. فهو تبعا لمدرسة السنوسي، قد جمع أيضا بين التصوف وعلم الكلام وألف في الاثنين. ومن تآليفه في علم الكلام (كشف اللبس والتعقيد عن عقيدة أهل


(١) الخزانة العامة بالرباط، ك ٢٤٩٩، مجموع، والنسخة التي اطلعنا عليها نسخها يحيى بن عبد القادر بن شهيدة بتلمسان سنة ١٢٣٦، وقد انتهى الرماصي من حاشيته سنة ١١٠٥، وتبلغ حوالي ثلاثمائة صفحة.
(٢) روى ذلك ابن مريم في (البستان) ٢٧٧.
(٣) الورتلاني (الرحلة) ٢٨٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>