للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

علم التوحيد مع علماء عصره في حله وترحاله، حتى أنه سجل من ذلك في (عجائب الأسفار) وفي غيره عدة مسائل تناقشها معهم في الجزائر وتونس ومصر والحجاز. كما سجل ملاحظاته على علاقة الوهابية بمذهب الإمام ابن حنبل. ورغم سيطرة التصوف على علماء العصر فإن أبا راس لم يكن من المتصوفة، وكان في حياته العلمية والدنيوية شبيها بأحمد المقري: كثير الحفظ والتأليف، كثير المدح للأمراء والأعيان، غير أن المقري كان أقوى منه أدبا، ولا نستغرب بعد ذلك أن نجد أبا راس قد قام بشرح صغرى السنوسي، فهو لم يكد يترك متنا إلا شرحه، حتى أنه قد شرح بعض الأعمال ثلاث مرات.

وكل من عبد العزيز الثميني ومحمد بن العنابي قد اهتم بالتوحيد أيضا، وكان كلاهما من رجال الدين البارزين في عصرهما. أما الثميني فقد اهتم بقضايا المذهب الإباضي الفقهية والاجتماعية، ولكنه لم يهمل علم الكلام، فقد ذكر له من تآليفه فيه شرح يدعى (النور) وهو على النونية في علم الكلام.

كما أن كتاب (التاج) الذي اختصر فيه (منهاج الطالبين) لخميس العماني يتناول مسائل التوحيد والفقه (١). أما ابن العنابي فقد تناول مسائل كثيرة في التوحيد في فتاويه الكثيرة، ولكن أهم ما سجلناه له هو جوابه على سؤال وجه إليه وكتبه بخط يده في رسالة صغيرة. وقد افتتح الجواب بهذه العبارة (ورد علي سؤال نصه، بعد عنوان، إذا قيل حيث كان أهل الحق مطبقين على أن الحق تعالى يرى في الآخرة بالأبصار وأن الرؤية عبارة عن الإدراك. فأقول، اعلم أن المدركات تنقسم إلى ما يدخل في الخيال كالصور المتخيلة والأجسام المتلونة المتشكلة، وإلى ما لا يدخل في الخيال كالذات العلية وكل ما ليس بجسم كالعلم والقدرة والإرادة وغيرها ..) وقد قارن ابن العنابي في إجابته بين مذهب أهل السنة ومذهب المعتزلة في هذه المسألة، ولكنه غلب في النهاية مذهب أهل السنة قائلا: (ونحن لا نقول به (يعني مذهب


(١) مقدمة كتاب (النيل) ١/ط الجزائر، ١٩٦٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>