للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والظاهر أن ابن المغوفل كان بسيط المعرفة وأنه سجل في هذه الأرجوزة ما وسعته ذاكرته أو أخبره به الناس ووجده في بعض المصادر عن حياة صلحاء الشلف. وعمله محشو بالأساطير والخرافات والتقاليد الشعبية أكثر من بعض الأخبار والحقائق العلمية. ولكن عمله، على كل حال، يعكس روح العصر (١).

ومن الذين تأثروا بالصباغ القلعي وبابن صعد وبالملالي، ابن مريم صاحب (البستان في ذكر الأولياء والعلماء بتلمسان). وإذا قارنا بين مؤلفات ابن مريم ومؤلفات الصباغ القلعي وجدنا بعض التشابه. ومن المؤكد أن والد ابن مريم قد عاصر القلعي. فقد توفي هذا الوالد سنة ٩٨٥ والغالب على الظن أن القلعي قد عاش إلى نحو ذلك التاريخ أيضا. وكان والد ابن مريم معلما للصبيان، وهي مهنة لا تحتاج إلى علم غزير وفقه عميق، وكل ما تحتاجه هو حفظ القرآن الكريم وبعض المتون ومبادئ العلوم، فإذا عرفنا أن ابن مريم قد ورث هذه المهنة على والده أدركنا أيضا أن ابن مريم، كما تدل على ذلك تآليفه، كان في نفس مستوى أبيه تقريبا. فهو لم يبلغ مبلغ علماء أسرة العقباني أو المقري أو العبادي أو ابن زكري في تلسان، وهذا يفسر إعجابه ربما ببعض العلماء ونظرته إليهم نظرة القداسة لأنه لم يصل إلى مستواهم العلمي، لذلك كثر في (البستان) وصف العلماء بالكرامات والخوارق، والخلط بين العلماء والصلحاء، ولعل ناحية التصوف تمثل ابن مريم في كتابه أكثر مما تمثله ناحية الفقه والعلوم العملية. يضاف إلى ذلك أن قائمة الكتب التي ذكرها لنفسه في آخر كتابه تدل على كونه من (أهل الله) أكثر من كونه (من أهل العلم). فقد ألف حوالي اثني عشر كتابا كلها في التصوف وفروعه. أما كتابه (البستان) فسنتناوله في باب التراجم (٢).


(١) يعرف المغوفل ببوعبدل أيضا وهو المشهور في مؤلفات الغرب الجزائري القديمة. ومن أولاده محمد بن أفغول الذي كان معاصرا لابن سليمان مؤلف (كعبة الطائفين) وقد ذكر أنه من الصالحين الذين أخذ عنهم ٣/ ١٢٢.
(٢) ألف ابن مريم (البستان) سنة ١٠١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>