للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الظاهر وعلوم الباطن، فهو من العلماء الفقهاء المؤمنين بالتصوف التأملي المنكرين للبدع والخرافات التي انحطت بقيمة العقل والعلم. وكان في كتابه هذا ثائرا، كما كان في كتابه (محدد السنان في نحور إخوان الدخان)، فهو يهاجم الانحراف والابتداع في الدين والوصولية. وقد تعرض في (منشور الهداية) لحياة أكثر من سبعين شخصا (١). فلا غرابة أن يتعرض إلى النقد بسببه.

فإذا اعتبرنا أن الفصل الأول فقط من كتابه هو الخاص بالمناقب، فإن مقاييسه فيه تختلف كثيرا عن مقاييس ابن مريم والبطيوي والمغوفل وابن سليمان وغيرهم ممن كتبوا في المناقب. فهؤلاء كانوا يبالغون في أوصاف الشيخ ونسبة الكرامات إليه وخوارق العادات، وقد لا يكون له حظ من العلم على الاطلاق، أما الفكون فقد ذكر في هذا الفصل العلماء العاملين الذين لا يكادون يتميزون عن غيرهم إلا بالتأليف والتدريس والمواقف الصلبة ضد المغريات الدنيوية، وقد ذكر من هؤلاء جده عبد الكريم الفكون، وعمر الوزان، ومحمد العطار، وأحمد الغربي شارح (رسالة عمر بن الخطاب في القضاء) (٢)، ومحمد الكماد، وعبد اللطيف المسبح، الخ. وحتى هؤلاء وأضرابهم لم يخل حكمه عليهم من غمزات أيضا. فإذا كان مؤلفو المناقب الآخرين يعاملون شخصياتهم معاملة الملائكة أو المنزهين عن الأخطاء، فإن الفكون كان يعامل شخصياته على أنهم بشر يتخاصمون ويتآمرون، فيهم الخير والشر، والصلاح والطلاح. وقد كان بدون شك أكثر قسوة في معاملة شخصياته في الفصلين الثاني والثالث، وحسبنا الآن من كتابه ما ذكرناه له من مناقب (٣). أما كتابه كمجموعة من التراجم فسنعود إليه في الفصل الخاص بالتاريخ


(١) ترجمنا للفكون في الفصل الأخير من الجزء الأول.
(٢) تحدثنا عنها في الفصل الأول من الجزء الأول.
(٣) الغالب أن الفكون قد ألف (منشور الهداية) بعد ١٠٤٥ وهو تاريخ وفاة والده الذي ذكره، قبل ١٠٤٧ وهو تاريخ ثورة ابن الصخري الذي لم يذكره ولم يذكرها، رغم تدخله فيها.

<<  <  ج: ص:  >  >>