عندئذ، وهو محمد بن الشريف صاحب سجلماسة، وموضوعها هو العتاب الشديد لمحمد بن الشريف على إثارته أهل تلمسان وندرومة والأغواط وغيرهم ضد العثمانيين، وجاء في الرد المغربي التعريض (بالأعلاج) وهم الترك. والذي يهمنا هنا ليس موضوع الرسالة، لأن ذلك في الواقع يهم المؤرخين بالدرجة الأولى، ولكن يهمنا منها الأسلوب الذي كتبت به. انظر إلى هذا التصنع في العبارات وطول الجمل وكثرة الإضافات وتصيد الألفاط الناشزة (سلام عليكم ما رصع الجفان سموت البحور، ولمح الجواهر الحسان على أزهار رياض النحور، ورحمة الله تعالى وببركاته، ما أساغت محضر الجلال ذكاته، فقد كاتبنا كم من مغنى غنيمة الظاعن والمقيم والزائر، رباط الجريد، مدينة الجزائر، صان الله من البر والبحر عرضها، وأقر من زعازع العواصف أرضها، إلماعا لكم، معادن الرياسة، وفرسان الغابة والعيافة والفراسة، فضلا عن سماء صحا من الغيم والقتام جوه، وضحى نشرت عليه الوديقة وشيها ففشا ضوه. . إن شؤون المملكة التي يتوارى عن مكنونهم أمرها).
ثم فصلت الرسالة أحداث مستغانم وتلمسان وندرومة والأغواظ ومازونة، ووصفت بإسهاب (الإيالة العصمانية) وقوتها، وفي آخرها أشارت إلى أن الباشا عصمان قد أرسل إلى المغرب عالمين وقائدين عسكريين لفتح المفاوضات وربط العلاقات، (إننا قد شيعنا نحوكم أربع صحاب، تشرق بمجالستهم الخواطر والرحاب، الفقيه الوجيه سيدي عبد الله بن عبد الغفار النفزي والسيد الحاج الأبر محمد بن عبد الله الحضري المزغناي المغراوي، واثنين من أركان ديواننا وقواعد إيواننا، أتراك سيوط (؟)، وغاية غرضنا منكم جميل الجواب، بما هو أصفى وأصدق جواب) (١).
(١) عثرنا على هذه الرسالة في المكتبة الملكية بالرباط، رقم ٤٤٨٥ مجموع، وهي في ثلاث ورقات من الحجم الصغير، وبعدها مباشرة يأتي الرد المغربي، وبعد اطلاعنا عليها هناك وجدنا الناصري السلاوي في (الاستقصا) ٧/ ٢٢ - ٢٥، قد أوردها بحذافيرها، والظاهر أنه اطلع على نسخة أخرى منها لأن نصه يختلف قليلا عن نص النسخة التي اطلعنا عليها، كما أورد السلاوي خلاصة رسالة المغرب. ولاحظ أن =