وهناك العديد من الرسائل الإخوانية بعضها قد فقد نصه ولم تبق إلا الإشارات إليه في التراجم ونحوها، والبعض الآخر ما زال موجودا لحسن الحظ. وممن اشتهر بين معاصريه بكثرة المراسلات مع غيره: أحمد المقري وعبد الكريم الفكون وأحمد بن عمار من الأدباء، بالإضافة إلى علماء آخرين تغلب عليهم الفقه أكثر من الأدب، أمثال عيسى الثعالبي وعبد القادر المشرفي وسعيد قدورة وابن العنابي. فقد كان الأدباء يتبادلون الرسائل في أغراض شتى كإعراب مسألة، والإخبار بكتاب ألف، والتعزية في فقيد، والتهنئة بحادث سعيد، والاعتذار، وحل لغز أدبي، والتوصية على قريب أو صديق، ونحو ذلك من الأغراض الاجتماعية، وكانوا في العادة يضمنون رسائلهم النثرية بعض الشعر من البيت إلى الأبيات، ويتنادرون ويظهرون براعة الحفظ، وأحيانا كانوا يجاملون بعضهم البعض فيكتفون بالثناء والإطراء على النقد وإظهار الحق.
وكانت لعبد الكريم الفكون مراسلات مع عدد من علماء عصره، منهم الجزائريون وغير الجزائريين، فقد ذكر هو أنه كان يتراسل مع سيد قدورة وأحمد المقري ومحمد تاج العارفين العثماني وإبراهيم الغرياني التونسي، وغيرهم، وأورد المقري في (نفح الطيب) رسالة بعثها إليه عبد الكريم الفكون من قسنطينة سنة ١٠٣٨، وهي الرسالة التي أخبره فيها الفكون أنه متجه إلى الله هروبا من نفسه الأمارة بالسوء، وقد علق المقري على ذلك بأن الفكون (مائل إلى التصوف، ونعم ما فعل). وفي رسالة الفكون ما يشير إلى تبادل الرسائل بينه وبين المقري قبل ذلك، فقد أضاف الفكون إلى رسالته المسجوعة تسعة أبيات على وزن وقافية الأبيات التي ذيل بها المقري رسالته إلى الفكون، مع الاعتذار بأنه ليس من أهل هذا الفن، كما أخبر الفكون زميله بأنه ينوي وضع شرح على منظومة (إضاءة الدجنة) للمقري في علم الكلام ووعده بأن يحمل الشرح معه عند حجة العام الموالي، وأنه مشتاق لزيارة الحرم، واعتذر له عن قلة أبيات الشعر لوفاة زوجه. أما المقري فقد سمى الفكون (عالم المغرب الأوسط