للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأعجاز والصدور، مسبوقة بأسجاع متناسقة ولا تناسق القلائد في النحور على الصدور، فجرى قلم فكري الفاتر وذهني القاصر، شاكرا لفضله بهذه الأبيات المتأخرة عن مباراة الصاحب الأرضي، البائنة عن صوب معاقد البلاغة إن لم تنظر بعين المسامحة والإغضا) (١). ولا شك أن التكلف ظاهر في هذه السطور وروح الدين فيها أوضح من روح الأدب، ولكنها مع ذلك قطعة تعطي فكرة تداخل الأدب والدين في النثر.

وفي رحلة ابن حمادوش نص رسالة تعزية عزاه بها المفتي محمد بن حسين عند وفاة أحد أبنائه، وقد اعتذر المفتي عن عدم حضور الجنازة شخصيا، وضمن رسالته آيات قرآنية وأحاديث نبوية في الحث على الصبر والتحمل عند الفجائع، والرسالة مسجعة ولكنها غير ثقيلة ثقل بعض القطع النثرية عندئذ، ومما جاء فيها قول المفتي (فقد بلغنا ما أحار الأذهان وأشجاها، وأطار النور من الأجفان وأبلاها، وأضرم لواعج الأشواق، وأذكى زواعج الاحتراق، بالذي صدع أعشار القلوب، وأفاض على صحن الخد الدموع من الغروب .. حتى أدركتني محنتك وموت ولدك فأخذتني الصدمة، وهيجت لي المحنة، فلقد رمانا الدهر بسهام صروفه فأصمانا، وتعهدنا خطبه فهذ عروشا وأركانا، فاصبر له صبر الأجواد، إنما صبر الكريم على الرزيه أجمل ..) (٢)، فجملة ابن حسين خفيفة وأسلوبه في الجملة جيد، وكان في رسالته يقارن بين محنته (التي لم يذكرها) ومحنة ابن حمادوش في وفاة ولده.

وقد اطلعنا على رسالة قاضي معسكر، محمد بن شهيدة، إلى ابن سحنون مؤلف (الأزهار الشقيقة) فوجدناها رسالة أدبية جيدة، ولكننا للأسف لم نأخذ منها نصا، كما اطلعنا على مخاطبة أحمد بن هطال لنفس المؤلف (٣)، وإذا كنا متأكدين من أن رسالة ابن شهيدة تدخل في باب النثر


(١) رحلة العياشي ٢/ ١٣٠.
(٢) رحلة ابن حمادوش، مخطوطة.
(٣) كلاهما في (الأزهار الشقيقة)، دار الكتب المصرية، ١٢١٦٠ ز. لأحمد بن سحنون =

<<  <  ج: ص:  >  >>