للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السيالة (١) أن شيخه ابن عمار قد جاء إلى تونس من الجزائر سنة ١١٩٥ (بقصد الاستيطان بها)، وأن ابن عمار كان عندئذ كبير السن، ومع ذلك نجده يناظر علماء تونس، كما سنرى، ويؤلف عملين في تونس الأول رسالة في التفسير والأدب، والثاني تاريخ في سيرة وآثار باي تونس عندئذ، علي باشا بن حسن، ولا ندري ما الأسباب التي جعلت ابن عمار يغادر أيضا تونس رغم مجيئه لها (بقصد الاستيطان)، ولعل منافسة العلماء له وموت الباي، ووفاة صديقه حمودة بن عبد العزيز سنة ١٢٠٢، قد حمله على الهجرة من جديد إلى المشرق ومجاورة الحرم، ذلك أننا نجده سنة ١٢٠٥ يجيز محمد خليل المرادي الشامي من مكان لم نتأكد منه بعد، ولعله مكة المكرمة أو الشام، ومن ذلك التاريخ تنقطع عنا أخباره، وقد أكد تلميذه أبو راس في (فتح الإله) أن ابن عمار قد توفي بالحرمين الشريفين. ولكننا إلى الآن لا نعرف بالضبط تاريخ ذلك.

والغالب على الظن أن أسرة ابن عمار عريقة في الجزائر، فنحن نعلم أن عالما باسم أحمد زروق بن عمار كان متوليا الفتيا سنة ١٠٢٨، كما يحدثنا الفكون في (منشور الهداية) أن أحد علماء مدينة الجزائر باسم أحمد بن سيدي عمار بن داود قد ورد عليهم في قسنطينة حوالي نفس العهد (٢)، فهل كان هذا أحد أجداد أحمد بن عمار الذي نتحدث عنه؟ ليس هناك ما يعزز أو


(١) (مباسم أو مباهج الأزهار) مخطوط تونس رقم ٢٦٠، ومما يؤكد وجوده في تونس عندئذ تقريظ ابن عمار سنة ١١٩٦ لكتاب ألفه صديقه الوزير حمودة بن عبد العزيز في التوحيد، انظر فقرات من هذا التقريظ في (الكتاب الباشي) تحقيق محمد ماضور، تونس ١٩٧٠، ١٩. وقد تعرضنا له في فقرة التقاريظ من هذا الفصل.
(٢) (منشور الهداية) ٢٤٢. ويقول الفكون عن أحمد بن سيدي عمار أنه كان خطيب الجامع الأعظم بالجزائر وأنه زار في قسنطينة الشيخ التواتي والفكون رفقة بعض العلماء، ومعروف أن التواتي قد توفي سنة ١٠٣١، كما أنه من المعروف أن سعيد قدورة قد تولى الفتيا مكان أحمد زروق بن عمار سنة ١٠٢٨، وبذلك تكون زيارة ابن عمار إلى قسنطينة بين التاريخين، وممن رثي أحمد بن داود عند وفاته تلميذه محمد القوجيلي الذي سيأتي ذكره في فصل الشعر.

<<  <  ج: ص:  >  >>