للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عاش ابن عمار إذن فترة حياته الأولى في مدينة الجزائر دارسا وموظفا في الدولة، وكان من معاصريه هناك الأديب محمد بن ميمون، وعبد الرزاق بن حمادوش، والمفتي الشاعر محمد بن محمد المعروف بابن علي، ومحمد بن نيكرو، والمفتي عبد الرحمن المرتضي، والمفتي أحمد الزروق بن عبد اللطيف، (ابن عم صاحب القصر الذي وصفه ابن عمار)، والمفتي محمد بن جعدون، والمفتي علي عبد القادر بن الأمين، والمفتي محمد بن الشاهد، والقاضي محمد بن مالك، أما في الأقاليم الأخرى فمن أشهر العلماء الذين عاصرهم ابن عمار أبو راس الناصر الذي جاء من مدينة معسكر إلى الجزائر واجتمع بعدد من هؤلاء العلماء وناقشهم وأكرموه، وهو الذي تتلمذ على ابن عمار وأشاد به كما سنرى، ومنهم عبد القادر الراشدي الذي اشتهر بالتأليف والإفتاء والتدريس في قسنطينة، والمفتي أحمد العباسي وعلي الونيسي بقسنطينة أيضا. والحسين الورتلاني صاحب الرحلة، أما من الولاة فقد عاصر ابن عمار، أيام نضجه، علي باشا بوصبع (١١٦٨ - ١١٧٩)، ومحمد عثمان باشا (١١٧٩ - ١٢٠٥)، الذي ظل في الحكم أطول مدة عرفها الولاة العثمانيون في الجزائر والذي توفي، خلافا لأغلب التقاليد، على فراشه، وقد تولى ابن عمار وظيفة الإفتاء أثناء عهده.

فهل حدث لابن عمار أثناء أو بعد توليه الفتوى ما جعله يزهد في الإقامة في الجزائر التي عاش في أكنافها صبيا وشابا وكهلا؟ لا ندري الجواب الآن، ومن المؤكد أن ابن عمار كان محسودا لعلمه وقلمه واستقلاله، فنحن نعلم من عدة إشارات في الرحلة وفي جوابه على مسألة الوقف التي عرضت له مدى استقلاله الفكري ومدى غمزاته لمعاصريه على جمودهم العقلي وضعف عارضتهم وتخليهم عن الاجتهاد والنظر (١). كما نعلم أن بعض


(١) ذكر محمد ماضور في مقدمة (الكتاب الباشي) ١٩: أن ابن عمار كان صديقا لإسماعيل التميمي الذي كتب ردا قويا على الوهابية وأنه كان صديقا أيضا للوزير حمودة بن عبد العزيز، وكانت بين الرجال الثلاثة تحريرات وآراء، وقد نشر جواب أحمد بن عمار عن مسألة الوقف مع ردود التميمي المذكورة، في تونس.

<<  <  ج: ص:  >  >>