للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا زلت يا شمس العلا ... تحل برج الشرف (١)

وقد سبق ابن مالك إلى تونس أحمد بن عمار كما عرفنا، وأشرنا إلى أن ابن عمار قد مدح الباي عندئذ، بالنثر وجعل فيه كتابا، ولكننا لا ندري إن كان ابن عمار قد مدح هذا الباي أيضا بالشعر، والغالب أنه ضمن نثره بعضم الشعر على عادته.

ومن أبرز الشعراء الذين وقفوا موقفا مضاد للترك في الجزائر وهجوهم هجاء مرا الشاعر سعيد المنداسي وهو من شعراء القرن الحادي عشر، الذي ثارت فيه تلمسان عدة مرات على قوادها الأتراك، كما عرفنا، وكان المنداسي يعيش في تلمسان لكننا لا نعرف نوع حياته، فقد كان من شعراء المدائح النبوية وكان متمكنا في اللغة والأدب، وكان أيضا على صلة بعلماء المغرب ورجال دولته، ولا شك أن أديبا كالمنداسي لا تناسبه الجزائر في العهد العثماني كل ما فيها بعض العلماء المتنافسين والمتصوفة الدراويش، ولا شيء بعد ذلك يخصب مواهب الشعراء ويبعث الحياة في نفوسهم، وقد كان المغرب مقصد العلماء الجزائريين للدراسة، كما كان ملجأ للهاربين من ظلم وتعسف العثمانيين، ولا ندري ما الذي حمل المنداسي مباشرة على هجاء الأتراك جملة وتفصيلا:

فما دب فوق الأرض كالترك مجرم ... ولا ولدت حواء كالترك إنسانا فقد وصفهم بأبشع الأوصاف وأقذعها، واتهمهم بالفحش والشره في حب المال، وارتكاب الجرائم، كما أنه تحدث عما عانت تلمسان منهم، وعرض بالمفتي التلمساني في عهده، أحمد بن زاغو، الذي انقاد في نظر المنداسي، إلى الترك واتهمه بالضلال في الدين وأنه قد هدم دار العلم، وأنه كان يسكر، ولا غرابة بعد ذلك أن يموت المنداسي في سجلماسة هاربا من الأتراك، بسبب قصيدته التي تعتبر من أقذع ما قيل فيهم (٢).


(١) (كناش) رقم ٩٢٤٠ المكتبة الوطنية - تونس، والقصيدة في أربعين بيتا.
(٢) الخزانة العامة بالرباط، رقم ١٦٥٦ د. وهي في ٢٧ بيتا، وقد نسب فايسات الفرنسي =

<<  <  ج: ص:  >  >>