للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجاهد في سبيل الله فوزا ... فأفنى الفنش (١) واستوفى جهاده

مدارس قد بنى لله فضلا ... وكم للخير بلغه مراده

بشهر محرم قد مات أرخ ... أمير حاز مفتاح السعادة (٢)

ولا شك أن الرثاء يكون أصدق إذا قيل في الشيوخ والأصدقاء والأقارب، ولكننا لا نجد من هذا إلا القليل كما ذكرنا، ومن ذلك رثاء مصطفى الرماصي القلعي لشيخه عمرو التراري بن أحمد المشرفي، وهي قصيدة جيدة وطويلة (١٥٠ بيتا)، ويقال إن الرماصي قد نسج فيها على منوال أبي حيان في رثاء شيخه أيضا في وزنها وقافيتها وعدد أبياتها، وتبدأ قصيدة الرماصي هكذا (٣):

خليلي عوجا بي على طلل عفا ... معالمه قد غيرت ومعاهده وأسفت عليه السافيات بعيدنا ... دقاق الحصا فانحط منها أجالده (٤) وأثناء حصار وهران الثاني (١٢٠٥) أصيب قاصي معسكر، الطاهر بن حوا، برصاصة فأردته قتيلا، وكان ابن حوا قد عينه الباي عندئذ ليقود الطلبة، رفقة زميله محمد بن جلال (الجلالي)، لمجاهدة العدو، وقد كان لمقتله أكثر كبير في نفس الشاعر المجيد أحمد بن سحنون فرثاه بقصيدة قوية مطلعها:

عز نفسك عن صروف الزمان ... كل شيء على البسيطة فان (٥)

وقد سجل عبد الكريم الفكون بعض الأبيات التي رثى بها الشيخ علي


(١) يشير بالفنش إلى الإسبان ومشاركة صالح باي في رد غارتهم على الجزائر بقيادة
أوريلي سنة ١٧٧٥ (١١٨٩).
(٢) أوردها شيربونو في (روكاي) ٥٧ - ١٨٥٦، ١١٤ - ١١٥.
(٣) مذكورة كاملة ني (كناش) أبي حامد المشرفي، ك ٤٧١ الخزانة العامة بالرباط، ص ٤٣٥ - ٤٣٨، وفي الخزانة العامة نسخة أخرى منها أيضا برقم ٢٧٨٧ د.
(٤) تبدأ قصيدة أبي حيان هكذا:
هو العلم لا كالعلم شيء تراوده ... لقد فاز باغيه وأنجح قاصده
(٥) (الثغر الجماني)، مخطوط باريس.

<<  <  ج: ص:  >  >>