للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلنا إنه تغزل في المذكر أيضا، ومن وصف أحواله النفسية قوله: ولي كبد تناهى الوجد فيها ... وكانت قبل ذلك لا ترام

زهى ورد الجمال لها فحلت ... بساحته وطاب لها المقام

ومن قصائده الغزلية الجميلة قوله:

قسما بصبح جبينك الوهاج ... ما أنت إلا راحتي وعلاجي

وفي أحواله الاجتماعية والدينية وصراعه مع نفسه يقول:

يلومونني في العشق والكأس والغنا ... وقالوا سفيه الرأي غير مصيب

وهل لذة الدنيا سوى صوت مطرب ... ونشوة خمر أو عناق حبيب

ولكنه في النهاية تاب كما تاب معظم الشعراء ودعا الله أن يغفر له هذا الانجراف نحو اللذات:

إلهي أطعت النفس والغي والصبا ... وقد حجبتني عن رضاك ذنوب

فإن كان ذنبي أزعج القلب خوفه ... قحسن رجائي فيك كيف يخيب (١)

وبالإضافة إلى الغزل الذي برع فيه ابن علي، فقد أجاد أيضا في الوصف والمدح والشكوى والرثاء والإخوانيات، ومن أجود قصائده في الرثاء ما قاله في زوجته حين توفيت عنه:

رأيت بها عصر الشباب معاصري ... وخيلت أني كنت من ساكني عدن

فما راعني إلا النوى صاح صيحة ... فزعزع من عرشي وضعضع من ركني

وقال لمن كانت حياتي وراحتي ... وريحانتي: قومي إلى منزل الدفن

فحالت يد الأقدار بيني وبينها ... فأصبحت مسلوب الحجا ذاهل الذهن (٢) وقد افتخر ابن علي ينفسه وعرف أن المثل القائل بأن (مطربة الحي لا تطرب) يصدق عليه، فقد كثر حساده وناقدوه الذين طعنوا في فضله ودعوه (سفيه الرأي) كما قال في شعره، ولكنه مع ذلك انتصب لهم ودافع عن نفسه


(١) هذه الأبيات وغيرها موجودة في (نحلة اللبيب).
(٢) (ديوان ابن علي) و (نحلة اللبيب) لابن عمار، ٦٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>