للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو من سماهم برجال الشر والطلاح، وقد شرح هذه القصيدة العامية تلميذه الشيخ محمد بن سليمان، ومن حسن الحظ أننا اطلعنا ودرسنا هذه القصيدة وشرحها (١)، وقد اشتهر في تلمسان خلال القرن الثاني عشر ثلاثة شعراء شعبيين وهم: محمد بن مسائب، وابن التريكي والزناقي، ونظموا جميعا بالخصوص في المسائل الدينية، كما نظم كل منهم رحلة حجازية (٢)، ونعتقد أن للشعر الملحون مجالات أخرى لم نشر إليها كالغزل. أما الرثاء فالمعروف أن أحد الشعرء قد نظم قصيدة (قالوا العرب قالوا) في رثاء صالح باي الذي كان محبوبا عند معظم أهل قسنطينة لأن مأساة وفاته قد أثارت عواطفهم نحوه.

ورغم أن الشعر الشعبي ليس من أهداف هذه الدراسة لخروجه عن الثقافة الأدبية كما لاحظنا، فإن دراسته تكشف عن كثير من الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية للبلاد في العهد العثماني. فالقصيدة الشعبية من هذه الزاوية وثيقة هامة تدرس من خلالها الحياة كما صورها الشاعر وتؤخذ منها المعلومات والمواقف ثم تترك. والشعر الشعبي مهم من حيث تسجيله لمشاعر الناس ضد أو مع العثمانيين، ومواقف الجهاد ضد العدو الخارجي، وتطور الحياة الدينية، فالعودة إلى الشعر الشعبي ضرورة من ضرورات البحث، ولكنه لا يدرس كنموذج أدبي أو فني نستشف من خلاله رقي الثقافة وسمو الذوق والمشاعر وجمال التعبير والتصوير، أو نستدل به على تقدم الشعب.


(١) انظر دراستنا عن كتاب (كعبة الطائفين) في كتابنا (أبحاث وآراء في تاريخ الجزائر)، الجزائر ١٩٧٨، وقد أثار إلى قصيدة (حزب العارفين) أيضا أبو راس وابن سحنون.
(٢) انظر دراستنا (الرحلات الجزائرية الحجازية في العهد العثماني) في كتابنا (أبحاث وآراء في تاريخ الجزائر) وعن ابن مسائب بالخصوص انظر محمد بن أبي شنب (المجلة الإفريقية)، ١٩٠٠، ٢٥٩ - ٢٨٢. انظر أيضا مجلة (آمال) عدد خاص بالشعر الملحون عدد ٤، ١٩٦٩، وتوفي ابن مسائب سنة ١١٧٠. وكان في صغره ينظم الشعر المعروف بالحوزي ثم تحول إلى الشعر الديني.

<<  <  ج: ص:  >  >>