للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحجازية على أنه من صميم السيرة، فمجال السيرة إذن واسع. فإذا ذهبنا مع الورتلاني على أن علم السير هو (سير الأنبياء وشمائلهم ووقائعهم وبعوثهم وسراياهم وصحبهم وخصائصهم وقصصهم) أمكننا أن ندرك أن كثيرا مما ألفه أحمد المقري وأبو راس وأحمد البوني وأمثالهم يدخل في قسم السيرة النبوية.

ومن أقدم الأعمال التي نشير إليها في العهد العثماني شرح أحمد بن محمد البجائي التلمساني على (الشقراطسية)، وهي القصيدة التي نظمها

محمد بن علي بن شباط التوزري في السيرة، ونحن نعرف أن التوزري قد

وضع هو نفسه شرحا على قصيدته سماه (صلة السمط وسمة الربط) ضمنه أدبا وتاريخا أيضا (١)، ويبدو أن شرح التلمساني عمل مهم، فقد وصفه ابن عسكر بأنه (شرح عجيب) (٢)، وكان محمد المغوفل قد اشتهر بقرض الشعر الذي تناول فيه حياة الرسول (صلى الله عليه وسلم)، وقد اعتبره أبو راس (أحد أعجوبات الدهر في علمه وورعه وكراماته، يشهد لعلمه قصيدة مدح بها رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، فيها سبعون بيتا، وليس فيها حرف يستحق النقط، بل كلها عواطل من النقط، وكفى به حجة) (٣)، ورغم شهرة هذه القصيدة وأهميتها وشيوع الشروح في ذلك العصر فإننا لا نعرف أن أحدا قد تناولها بالشرح، وقد أشرنا من قبل إلى موقف العثمانيين من الشيخ المغوفل (٤)، كما أشرنا إلى أشعاره في المدائح النبوية في فصل الشعر. والظاهر أن لغة المغوفل إما ضعيفة أصلا وإما أضر بها نساخ أشعاره.

وحتى لا نكرر هنا ما تناولناه في شعر المدائح النبوية نكتفي بالإشارة

إلى بعض الأعمال التي تدخل من جهة في شعر المدح ومن جهة أخرى في

السيرة النبوية، ونعنى بذلك ديوان عبد الكريم الفكون الذي خصصه


(١) الإعلام ٧/ ١٧٢، وقد توفي التوزري سنة ٦٨١.
(٢) (دوحة الناشر)، ٢١٩ - ٢٢١.
(٣) أبو راس (عجائب الأسفار) ورقة ٢٦ مخطوط الجزائر.
(٤) انظر الفصل الثاني من الجزء الأول.

<<  <  ج: ص:  >  >>