الإسبان إلى احتلال وهران سنة ١١٤٥. وكان بعض المسلمين يتعاونون مع الإسبان المحتلين. وفي هذا الموضوع الف عبد القادر المشرفي رسالته المسماة (بهجة الناظر في أخبار الداخلين تحت ولاية الإسبانيين بوهران كبني عامر)(١). وكان المشرفي من كبار علماء وقته وهو أستاذ أبي راس وغيره. وقد استعرض المشرفي تاريخ الوجود الإسباني في وهران وعلاقة الجزائريين
المجاورين به وذكر أهم الحوادث التي عرفتها وهران تحت الحكم الإسباني، وفي هذه الرسالة أخبار قصيرة عن علماء الوقت أيضا ورجال الدولة. وقد انتهى منها سنة ١١٧٨. وهي باختصار، تشنيع على من كان يتعاون من المسلمين مع المحتلين الإسبان ومع أهل الذمة كاليهود. وهي رسالة قد هيأت النفوس لفتح وهران الثاني.
وقبل أن نتحدث عن فتح وهران الثاني وما تركه من مؤلفات تاريخية نذكر أن حملة إسبانيا على الجزائر سنة ١١٨٩ (١٧٧٥) قد دونها بعض الكتاب أيضا في عدة أعمال هامة. من ذلك الرسالة التي كتبها أحمد العنتري القسنطيني عن حملة أوريلي. وكان العنتري شاهد عيان لأنه رافق الجيش الذي جاء على رأسه صالح باي من قسنطينة لمساعدة الجيش الرئيسي في مرسى الجزائر. وقد روى ما شاهد بالتفصيل، وهو كموظف في إدارة إقليم قسنطينة ومن التجار الكبار في مدينة عنابة ووكلاء الباي لدى الأوروبيين فيها، كان يعرف الكثير عن الجيشين وعن الظروف التي أحاطت بالحادث. ولم يحاول أن يذكر خسائر المسلمين في هذه الواقعة. وقد تحدث عن عدد أسطول الإسبان الذي بلغ ٤٨٠ سفينة عند وادي الحراش ووصف معسكرهم ومعسكر المسلمين، كما وصف مواقع كل جيش: فصالح باي كان عند قنطرة الحراش، وخوجة الخيل كان في باب الواد، وخليفة باي الغرب الجزائري كان في عين الربط، والخزناجي عند وادي الخميس (الحميز)، ووصف كذلك حضور الأهالي للجهاد وقد تدفقوا من كل حدب وصوب، ومن كل
(١) نشر هذه الرسالة محمد بن عبد الكريم (بدون تاريخ)، وكانت قد ترجمت إلى الفرنسية. انظر (المجلة الإفريقية) ١٩٢٤.