للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٢٤٧، والظاهر أنه ألفه بعد دخول الفرنسيين، ولذلك ألقي فيه مسؤولية التدهور والهزيمة التي حلت بالجزائر على الأتراك، وعلى كل حال فإنه لا يبلغ فيه مبلغ أعمال ابن زرفة ولا ابن سحنون ولا أبي راس، وكان مسلم بن عبد القادر من كتاب الباي حسن، وكان شاهد عيان على ما حدث في الغرب الجزائري في الفترة المذكورة، كما كان صاحب نشاط أدبي ملحوظ في الناحية، متأثرا في الظاهر بسيرة الباي محمد الكبير فقد جمع حوله نخبة من أدباء وكتاب الناحية وجعلهم، بحكم مقامه السياسي، يخدمونه وينوهون به

ويشرحون إنتاجه ويتقربون إليه، ومن هؤلاء أبو راس ومحمود بن الطاهر بن

حوا، والظاهر أن مسلم بن عبد القادر قد خطط لكتابة تاريخ هام للدولة الإسلامية، إذ قسم عمله إلى أبواب وخاتمة، وبدأه ببعثة الرسول (صلى الله عليه وسلم)، ووصلت أبوابه اثني عشر بابا، أما الخاتمة فقد خصصها لتاريخ بايات الغرب الجزائري منذ حوالي سنة ١١٩٢. غير أن الباحثين لم يعثروا حتى الآن إلا على الخاتمة التي انتهى منها صاحبها سنة ١٢٣٠، وقد سار في تأليفه على الطريقة التقليدية الموسوعية فذكر فيه الحكم والأمثال والمناقب والقصص إلى جانب التاريخ (١)، وإذا حكمنا من الخاتمة المطبوعة فإنه كان لا يمل من الاستطراد إذ يذكر فيها، بالإضافة إلى حكم البايات، (فوائد) عامة كقدوم الجراد، والمجاعة ونزول الثلج والثورات ونحو ذلك.

وأما (الاكتفاء) لابن زرفة فهو عمل هام ولكنه لا يدخل في باب التاريخ كثيرا، لأن موضوعه الأساسي تاريخ القضاء الإسلامي ومواقف الحكام والعلماء من الشعوب والقبائل المغلوبة وأراضيها وممتلكاتها، وقد كان الباي محمد الكبير في أوليات حكمه عندما أشار سنة ١١٩٩ على ابن زرفة بجمع هذا التأليف، وكان الباي، الذي كان يخطط لمشاريعه الكبيرة


(١) نشر الخاتمة المرحوم رابح بونار، الجزائر ١٩٧٤. وجعل له مقدمة شرح فيها ظروف تأليف الكتاب وحياة المؤلف، ولكن هذا العمل ما يزال في حاجة إلى دراسة أشمل وكذلك البحث عن أصوله، وقد توفي مسلم بن عبد القادر بعين تموشنت سنة ١٢٤٨ هـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>