للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حاضرة الحفصيين وحاضرة علماء جامع الزيتونة من أمثال عيسى الغبريني والبرزلي والأبي وغيرهم من ورثة مدرسة ابن عرفة الفقهية. ولعل الثعالبي قد درس أو توقف بقسنطينة التي كان من قضاتها عندئذ أحمد بن القنفذ القسنطيني صاحب (الفارسية). كما أخذ الثعالبي العلم بتلمسان، وبعد ذلك رحل إلى مصر ومكة المكرمة، ولعله قد زار أيضا بغداد ودمشق والقدس كما هي عادة الحجاج العلماء في وقته. وكان خلال تجواله يتلقى العلم بالمشافهة أو الإجازة (١). فقد أصبح من رواة الحديث ولا سيما صحيح البخاري الذي كان من أبرز رواته ومدرسيه في الجزائر. وله في ذلك فهرس أسماه (غنية الواجد وبغية الطالب الماجد). ولم يكتف الثعالبي بأخذ الحديث رواية بل درسه أيضا في تونس ومدينة الجزائر.

وقد أثر الثعالبي تأثيرا كبيرا في ميدان الزهد والتصوف من ثلاثة طرق: طريق تلاميذه، فقد كان مدرسا ناجحا وعالما واثقا من رسالته ومحدثا ومفسرا قويا وصاحب شخصية جذابة ومهيمنة (٢). والثاني طريق تأليفه فهو لم يكن مجرد زاهد بسيط أو درويش معزول عن الناس ولكنه كان ينشر دعوته عن طريق الكلمة المكتوبة التي تنتقل من يد إلى يد ومن منزل إلى منزل ومن جيل إلى لاحقه. وكان اللاحقون يتفننون في نسخ تآليفه وآثاره ويتواترونها بل وقد ينسبون إليه ما لم يقله حرصا على الانتساب إليه أو الاحتجاج به. والثالث طريق زاويته التي تأسست عند ضريحه والتي أصبحت مقصد الزوار وملتقى الدارسين ومجمع طلاب البركة والشفاء (٣). وقد ساندت السلطة


(١) الكتاني (فهرس الفهارس) ٢/ ١٣١.
(٢) من تلاميذ الثعالبي غير الجزائريين عبد الباسط بن خليل صاحب الرحلة، فقد التقى به في مدينة الجزائر وحضر دروسه وقال (وسمعنا شيئا من فوائده، وسألته بعض الأسئلة كانت تشكل علي فأفاد فيها على أحسن وجه وأتمه ورأيت تفسيره وقرأت عليه من أوائله بعض سطور وأجازني).
(٣) كانت أيضا مجمعا للذكر وإقامة المولديات وإلقاء الموشحات الدينية. انظر رحلة ابن حمادوش. وقد حققناها.

<<  <  ج: ص:  >  >>