من جملة التراجم الخاصة. فقد أخبر إبراهيم السيالة، تلميذ أحمد بن عمار، أن شيخه قد وضع رسالة هامة أجاب بها بعض علماء تونس الذين سألوه رأيه في إحدى الآيات، وأنه قد ضمن هذه الرسالة (في تاريخ ألفه) عن الباي. أما ابن عمار نفسه فقد قال عن هذه النقطة (ونظمت في سلك دولة هذا الملك السعيد .. عقد لبة وتاج مفرق، مما فتح الفتاح العليم .. من هذه الرسالة الغريبة المبنى، الوثيقة المعنى، البعيدة المرنى، القريبة المجنى .. فلينظرها
المولى، بعين القبول والرضى، وليعرضها على الخواص من أدباء دولته
الميمونة وعلمائها وفقهائها وزعمائها .. وأما العوام فكالهوام، وليس المقصودون بهذه الرسالة، بل بهذا الكتاب كله ..) (١)، ويتضح من عبارة ابن عمار أن هناك الرسالة التي أجاب بها العلماء، وهناك الكتاب الذي وضعه في سيرة الباي ودولته. ولا شك أن الذي يهمنا هنا هو الكتاب وليس الرسالة. والغريب أن السيالة لم يذكر عنوان كتاب ابن عمار في الباي، وإنما قال عنه (في تاريخ ألفه). وهو لا شك من كتب ابن عمار الضائعة. ولذلك نكتفي الآن بما قلناه عنه.
وقد عالج محمد بن أحمد الشريف الجزائري موضوع السيرة أيضا فترجم للصحابي أبي أيوب الأنصاري دفين القسطنطينية، وسمى تأليفه فيه (مسك الحبوب في بعض ما نقل من أخبار أبي أيوب). ورغم أن الترجمة تتناول شخصية إسلامية عظيمة ومجاهدة من أجل انتشار الدين الإسلامي فإن المؤلف قد جعل عمله وكأنه سيرة لأحد المتصوفين الدراويش. ولكن عمله مع ذلك يظل مساهمة هامة في باب التاريخ والسيرة. وكان المؤلف قد أجبر، على ما يظهر على الخروج من الجزائر واستيطان أزمير، فكان يتردد على قبر أبي أيوب الأنصاري بالقسطنطينية ويتسلى، كما يقول، بزيارة ضريحه وكتابة الأخبار عنه ابتداء من حياة هذا الصحابي الأولى إلى وفاته سنة ٥٠ (أو ٥٢) للهجرة غازيا.
(١) (مباهج أو مباسم الأزهار ودوحة الأفكار) لإبراهيم السيالة، مخطوط تونس، رقم ٢٦٠، ومن الأسف أن ما بعد العبارة الأخيرة منزع من المخطوط تماما.