للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المكرمة. كما تحدث زميله حسين الورتلاني صاحب الرحلة أنه كان رفيقه في مصر سنة ١١٦٦. هذا ما نعرفه عنه من تواريخ، ولكن ما لا نعرفه أكثر من ذلك.

قسم ابن عمار رحلته إلى ثلاثة أقسام: مقدمة وغرض مقصود (وهو الرحلة) وخاتمة. وفي المقدمة، التي هي القسم الوحيد الموجود، والمطبوع أيضا، من هذه الرحلة، وصف ابن عمار أشواقه إلى الحرمين وإلى الرسول (صلى الله عليه وسلم)، وتحدث بالمناسبة عن شعر الموشحات المولدية والمدائح النبوية وعادات أهل الجزائر أثناء الاحتفال بالمولد النبوي. وقد تناول ابن عمار في القسم الثاني، أي الغرض المقصود، (ما يحدثه السفر إلى الإياب وحط الرحال). ومعنى هذا أنه تحدث في هذا القسم عن رحلته من الجزائر عبر تونس وطرابلس ومصر إلى الحجاز والعودة، كما فعل زميله ورفيقه الورتلاني. ولكن هذا القسم الهام مفقود الآن. كما أن الخاتمة التي جعلها فيما (نشأ عن ذلك (يعني السفر) بعد السكون وانضم إليه) ضائعة بدورها. ومن المرجح أن ابن عمار قد أكمل الرحلة لسببين: الأول أن تلميذه أبا راس وصفه بما يدل على أنه أكملها وأصبح معروفا بها وذلك في قوله عند الحديث عنه (مؤلف الرحلة) (١). فلو لم يكن ابن عمار قد أكملها لما قال أبو راس تلك العبارة عنه. والثاني أن ابن عمار قد عاش حوالي أربعين سنة بعد حجته سنة ١١٦٦. فلا يمكن نظريا أن لا يكمل رحلته خلال هذه المدة كلها (٢). ولعل بقية رحلته توجد في الحرمين أو القاهرة أو تونس، لأنه عاش في هذه الديار وأطال الإقامة بها.

وكان أبو راس من الذين أكثروا الترحال في بلاده وخارجها. فقد حج


(١) أبو راس (فتح الإله) مخطوط. وعبارة أبي راس هي (صاحب الرحلة، الجمة الفوائد، حلوة الموائد، عذبة الموارد).
(٢) وجدنا له إجازة لمحمد خيل المرادي مؤرخة بـ ١٢٠٥، وبذلك يكون ابن عمار قد عاش على الأقل ٣٩ سنة بعد الحجة، انظر ترجمتنا له في فصل اللغة والنثر من هذا الجزء.

<<  <  ج: ص:  >  >>