للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأنهم باستعمال هذه الأسرار يصلون إلى تحقيق أغراضهم كطرد الأرواح الشريرة وإيقاع الهزيمة بالعدو وجلب الحظ ونحو ذلك (١).

ونفس الشيء يقال عن علم الفلك. ذلك أن رصيد المعرفة في هذا الباب عند العلماء هو تأليف محمد بن أحمد الحباك وابن أبي الرجال القيرواني، وشرح السنوسي على الأول وشرح ابن القنفذ على الثاني. كما أن أرجوزة محمد بن علي المعروف بابن أبي مقرع كانت متداولة، ولكن التقدم في هذا الميدان كان متوقفا. فقد كادت تنحصر الأعمال الفلكية في تقويم الصلوات وحركة الليل والنهار وتعديل بعض الكواكب، ورغم دقة مزاول الشمس وحركة الظل فإن علم الملاحة لم يكن متطورا، وهو العلم الذي كنا نتوقع البراعة فيه لشهرة الجزائر في العهد العثماني بالنشاط البحري، فبالإضافة إلى البحر الأبيض خرج الأسطول الجزائري إلى المحيط الأطلسي وبحر الشمال وسواحل إيسلاندا، ومع ذلك فإن البحارة كانوا، حسبما لاحظ أحد الأجانب، يقتصرون على الخريطة البسيطة وعلى تمييز النقط الثماني الرئيسية من البوصلة (٢). كما أنهم قد تعلموا خط العرض بملاحظة الشمس عند منتصف النهار، وقاموا بترجمة الجداول الخاصة بهذا الموضوع إلى اللغة العربية، وإذا أعوزتهم المعرفة بعلم الملاحة وهم في المحيط أجبروا خبيرا من سفينة أوروبية على توجيههم إلى أن يعودوا إلى البحر الأبيض (٣).

وقد أصبح علم الكيمياء عملا يهرب منه العلماء بعد أن كان محببا في عصر الازدهار العلمي. فقد حكى الورتلاني أنه لم يكن يستعمله كما أنه لم يكن يستعمل أسرار الحروف والأوفاق، وهو هنا ينفي ذلك لأن غيره كان يلجأ إليها طلبا لفائدتها العاجلة أو الآجلة، أي أنهم كانوا يمارسون بها نوعا من السحر وليس نوعا من العلم. وقد تعجب الورتلاني حين وجد نقيب كسوة الكعبة في مصر يتعاطى علم الكيمياء كما أن النقيب قد تعجب من أن


(١) شو (الرحلة) ١/ ٣٦٤.
(٢) نفس المصدر، ٣٥٦.
(٣) شيلر ٥٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>